نشطاء يشترطون خدمات المتخصصين عند كتابة الأمازيغية في الفضاء العام - بلس 48

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لم تفوت فعاليات مهتمة بالشأن الأمازيغي في المغرب مناسبة اليوم الدولي للترجمة، الذي يُحتفل به في الثلاثين من شتنبر من كل سنة، من أجل تسليط الضوء على “الإشكاليات المستمرة” في الترجمة إلى اللغة الأمازيغية في الفضاءات العامة، مؤكدة أن تواتر الأخطاء المرصودة على اللوحات وعلامات التشوير المثبتة على واجهة وداخل عدد من المؤسسات بالمملكة، “ليست مجرد هفوات عابرة، بل تعكس غياب سياسة إرادة حقيقية لتفعيل الطابع الرسمي لهذه اللغة الدستورية وصيانتها بما يضمن وضوحها وفهمها من طرف الجمهور”.

وأبرزت الفعاليات التي تحدّثت مع جريدة هسبريس الإلكترونية في هذا الشأن الحاجة الملحة للاستعانة بالمتخصصين والمتمكنين من اللغة الأمازيغية لضمان دقة الترجمة وضبط المصطلحات وطريقة الكتابة الصحيحة، معتبرة أن ذلك ليس “ترفا بصريا”، بل واجب مؤسساتي وركيزة أساسية لحماية الهوية الوطنية وتعزيز مكانة الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد وفق منطوق الفصل الخامس من الدستور.

عبد الله بادو، فاعل أمازيغي ومفتش تربوي، قال إن “استمرار الترجمات المعيبة إلى الأمازيغية في الفضاءات العامة وعلى يافطات المؤسسات الرسمية والخاصة، هو إشكال هيكلي لم يعد مرتبطا بأشخاص أو مؤسسات بعينها، بل بغياب إرادة حقيقية على مستوى استعمال اللغة الأمازيغية، بما يضعف صورة هذه اللغة الدستورية ويحد من فهم الجمهور لها بشكل سليم”.

وأضاف بادو، في تصريح لهسبريس، أن “العديد من المؤسسات العمومية ترتكب أخطاء جسيمة في ترجمة أسمائها إلى الأمازيغية، وكأن هذا الأمر ليس أولوية بالنسبة لها، وأن الكتابة بهذه اللغة ليست سوى مجرد درء للرماد في العيون”، مشددا على أنه “لم يعد من المقبول التعامل مع الأمازيغية بهذا الاستهتار والإحجام حتى عن الاستعانة بمتخصصين لضبط الكتابة والمصطلحات”.

وتفاعلا مع سؤال للجريدة حول مدى ارتباط هذه الأخطاء في الترجمة بطبيعة الحرف المستعمل، أوضح المتحدث ذاته أن “المنطق يقول إنه لا يمكننا أن نعود إلى الوراء، رغم أننا نبهنا في السابق إلى أنه يجب اعتماد الحرف اللاتيني في كتابة الأمازيغية لسهولة استعماله ولمساهمته في توسيع قاعدة استعمالها، لكن للأسف الدولة كان لها خيار آخر وهو استعمال حرف تيفيناغ، غير أنها لم تحضر لذلك ما يكفي على مستوى الأطر والقوانين”.

وخلص الفاعل الأمازيغي إلى أن “المشكل لا يتعلق فقط بارتكاب أخطاء في الترجمة والكتابة يمكن اعتبارها نتيجة سوء تملك حرف تيفيناغ، بل أيضا بطريقة الكتابة التي تفرض تراتبية معينة تكرس عدم المساواة بين اللغات، لأن المساواة اللغوية لا تعني فقط كتابتها في اليافطات، بل أن تكون أيضا بنفس الحجم والقياس والمستوى”، مشددا على أهمية “إقرار وثيقة قواعد لاستعمال وكتابة الأمازيغية في الفضاء العام، وإخراج مذكرات تلزم جميع المؤسسات بدون استثناء باستعمالها في واجهاتها”.

من جهته، أوضح حسن إدبلقاسم، حقوقي محام أمازيغي، أن “الكثير من المؤسسات العمومية للدولة لا تلتزم في الأصل بما هو منصوص عليه في الدستور وفي القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي ينص على استعمالها إلى جانب العربية في اللوحات وعلامات التشوير المثبتة على الواجهات وداخل الإدارات والمرافق العمومية والمؤسسات والمجالس والهيئات المنتخبة، إلى جانب التمثيليات الدبلوماسية في الخارج، ولوحات المطارات والموانئ والمحطات الطرقية”.

وأضاف إدبلقاسم، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا الأمر يعد خرقا سافرا لمضامين الوثيقة الدستورية، ويسائل الإرادة السياسية للدولة”، مبرزا أنه “حتى في الحالات التي يتم الالتزام فيها بمقتضيات القانون التنظيمي، يتم في بعض الأحيان ارتكاب أخطاء فادحة في الترجمة إلى الأمازيغية، كاستعمال مصطلحات في غير محلها أو حتى الترجمة الحرفية من الأمازيغية إلى العربية”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “التزام جميع المؤسسات المغربية في جميع أرجاء الوطن بالكتابة والترجمة الصحيحة للأمازيغية، ليس مجرد مسألة شكلية أو ترف ثقافي أو بصري أو صدقة تقدمها هذه المؤسسات لهذه اللغة، بل واجب تجاه رافد أصيل من روافد الهوية الوطنية، التي نصت القوانين الوطنية والتعاقدية على إلزام الدولة بصيانتها وتنميتها”.

وأبرز إدبلقاسم أن “العديد من المؤسسات تعاني من عدم الجدية في سياستها تجاه الأمازيغية، وهو ما يمكن أن يظهر فقط من أخطاء الترجمة على يافطات واجهتها الأمامية، وبالتالي يجب على هذه المؤسسات الاستعانة بمتمرسين ومتمكنين من اللغة الأمازيغية للقطع مع هذه العشوائية والارتجالية في الترجمة، عبر الرجوع إلى المؤسسات المعنية بالشأن الأمازيغي، على رأسها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق