تسود أجواء من التفاؤل الواضح بين مهنيي ومنتجي الزيتون في مختلف جهات المملكة المعروفة بانتشار هذا الصنف من الأشجار المثمرة، بعدما أكدت معطيات واردة من معظم الحقول والضيعات وفي أوساط الفلاحين “ارتفاعا متوقعا” في إنتاجية الزيتون لهذه السنة بشكل أحسن من غلّة الموسم السابق.
ومن المنتظر، حسب إفادات مهنيين لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن يبدأ موسم الجني فعليا بعد منتصف شهر أكتوبر، مؤكدين أن “الغلة مازالت تحتاج إلى النضج، وفي بعض المناطق مثل إقليم قلعة السراغنة (جهة مراكش آسفي) ينادي الفلاحون بتفعيل دورة سقي إضافية على الأقل لتمكين الأشجار المثمرة من مردودية أكبر”.
كما يترقب المهنيون، ومعهم عموم المغاربة، أن ينعكس تحسّن الإنتاجية بالنسبة للزيتون، الذي ما زال يتصدّر باقي أصناف الأشجار المثمرة المغروسة بالمملكة، حسب معطيات رسمية، بنحو 65 في المائة من المساحة المخصصة لغرس الأشجار المثمرة على الصعيد الوطني، على أسعار اللتر الواحد من زيت الزيتون الموجهة للاستهلاك، بعد موسميْن سالفيْن ارتفعت خلالهما الأسعار بشكل قياسي مقتربة من عتبة 100 درهم.
وأكد عبد اللطيف تبعليت، فلاح بتعاونية “خيرات البادية” بإقليم قلعة السراغنة، أن “وفرة الإنتاج من الزيتون لهذه السنة في معظم الأقاليم المعروفة تبقى جيدة مقارنة مع محصول العام 2024 بنسبة تفوق 75 في المائة”.
وأضاف الفلاح المتابع لهذه السلسلة الإنتاجية، ضمن تصريح لهسبريس، أن “نسبة الإنتاج للثمار يتوقع أن تتجاوز هذا الموسم 85 في المائة وصولاً إلى 90 في المائة في بعض المناطق، وحسب نوعية الأشجار: مسقية أم بوريّة”، غير أنه نبه في هذا السياق إلى أن هذا المعطى يخص بالأساس “الأشجار المسقية بالمياه الجوفية، تحديدا عبر الآبار، ما يجعل المردودية ترتفع”.
وزاد شارحا: “مع اقتراب موسم الجني، فإن اكتمال إنضاج المحاصيل مثلا في أراضي إقليم قلعة السراغنة ومنطقة العطاوية مازال في حاجة إلى دورتيْ سقي على الأقل لضمان انتعاش المحاصيل ورفع مردوديتها، خاصة بالنسبة لصنف الزيتون الموجه للمَعاصر. أما الصنف الآخر (الزيتون الأخضر) فإنه يحتاج بين 15 يوما إلى حوالي شهر لإكمال عمليات جَنيه”.
وأشار تبعليت إلى أن “تأثير الرياح وبعض عوامل المناخ المتطرفة كان واضحا على بعض الأشجار المثمرة للزيتون في المنطقة (…) فيما عانى مهنيون آخرون بإقليم بولمان مثلا من تضرر محاصيل الزيتون وأشجاره من موجة البرَد أواخر صيف 2025، فضلا عن درجات حرارة طالت بعض مناطق الإنتاج”.
وبنبرة التفاؤل خلص خاتما: “عموما هي توقعات جيدة وترقب لمحاصيل مرتفعة بالنسبة لمحاصيل المنتوج المحلي من الزيتون، ما سينعكس إيجابا على سعر زيت الزيتون التي قد تصل إلى 50 درهما هذه السنة في حال عدم حدوث مستجدات تتعلق بقرارات التصدير/الاستيراد”.
من جهته، أيّد عماد، فلاح في إحدى التعاونيات المتخصصة بجماعة “المْهاية” (إقليم مكناس)، معطى ارتفاع الإنتاجية. وقال لجريدة هسبريس معلقا: “نترقب-ولله الحمد-زيادة نسبة 30 في المائة في جميع الأنواع المثمرة، سواء أشجار الزيتون المعتمدة على مياه الأمطار أو تلك المسقية”.
وذكر أن من المؤشرات المبشّرة، استمرار منحى تنازلي في الأسعار بالنسبة لزيت الزيتون (التي تم عصرها السنة الماضية) لتستقر “في حدود 60 درهما” للتر الواحد مع بداية الخريف الحالي، وفق إفادته.
ولم يخف المهني ذاته “تخوّفا سائدا من المجازفة بشراء الغِلال المتوفرة حاليا في أشجار الزيتون في انتظار أن تتبين أوضاع السوق خلال شهريْ أكتوبر ونونبر”.
ويظلّ “إجماع” المهنيين على تحسن إنتاجية غلال الزيتون هذه السنة مدعوما بإفادات سابقة لرشيد بنعلي، رئيس الفيدرالية المغربية لإنتاج الزيتون، الذي قال لهسبريس إن “الموسم الفلاحي الجاري يرتقب أن يشهد إنتاجا جيدا للزيتون، وأن يتجاوز الموسم الماضي من حيث الكمية والجودة، نتيجة لمجموعة من العوامل الأساسية، أبرزها: التساقطات المطرية التي شهدها المغرب خلال نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الربيع، والتي كان لها أثر إيجابي مباشر على إنتاجية الأشجار”.
وأضاف رئيس الفيدرالية المغربية لإنتاج الزيتون أن “تشكيلة واسعة من الأشجار التي تم غرسها في إطار مخطط المغرب الأخضر بدأت تعطي ثمارها هذا الموسم، بعدما عجزت عن ذلك خلال مواسم سابقة”.
كما أشار الفاعل المهني سالف الذكر إلى أن “هذه المؤشرات تسمح بترقب إنتاجية جيدة مقارنة بالسنة الماضية، رغم تسجيل بعض الصعوبات المحدودة في عمليات السقي في بعض المناطق، خالصا إلى أن “أشجار الزيتون أظهرت قدرة لافتة على الصمود رغم جفاف السنوات الأخيرة، مستفيدةً بالأساس من تساقطات شهري مارس وأبريل الماضيين”.
0 تعليق