أدانت أحزاب يسارية مغربية “عمليات التخريب والعنف التي تحدث بشكل متواصل في الليالي الأخيرة من لدن جهات مجهولة تسللت للإساءة وتقويض احتجاجات سلمية مشروعة رفعت مطالب لا لبس فيها”، معتبرة أن “هذه الممارسات الخاطئة والمتهورة ذات الطابع الجنائي تضر بمصداقية الحراك الشبابي وتبتعد به عن مساره الأصلي”.
وأكدت هذه الأحزاب “على ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات واحترام حقوق الإنسان”، مشددة على أن “أي انفلات أو عنف لن يخدم سوى جهات تسعى إلى تأجيج الفوضى وإضعاف صوت المواطنين”، ومعتبرة أن “الاستجابة لمطالب المحتجين يجب أن تتم عبر حوار مسؤول وعقلاني، يراعي مصالح الشعب ويحفظ أمن واستقرار البلاد”.
وقالت هذه الإطارات ذات المرجعية اليسارية لهسبريس إن “تخريب الممتلكات العامة والخاصة لن يكون طريقا لتحقيق الأهداف المشروعة”، داعية في الوقت نفسه “وزارة الداخلية والجهات الأمنية إلى ضبط النفس وإدارة الاحتجاجات بحكمة، بما يضمن حماية الحقوق والحريات دون المساس بالسلم الاجتماعي الذي يعد الركيزة الأساسية لتقدم أي بلد ناهض”.
“التخريب مدان”
أدان جمال العسري، الأمين العام لحزب الاشتراكي الموحد، “الأعمال التخريبية، التي اقترفها بعض الملثمين الذين اخترقوا احتجاجات سلمية مشروعة، تمثل مقامرة بأمن الوطن والمواطن”، مسجلا أن “هناك هيئات سياسية كان من المفروض أن تحتوي هؤلاء الشباب داخل المجتمع، وأن تقوم بدور الوسيط بين الدولة وبينهم”، ومشددا على أنه “لا ينبغي أن نظل مكتوفي الأيدي أمام هذا الوضع”.
وصرح العسري لجريدة هسبريس قائلا إن “الدولة عملت على إضعاف الهيئات الجادة التي تمثل الشعب المغربي. وفي المقابل، نفخت في هيئات أخرى لا أثر لها اليوم”، محذرا من أن “هذا العنف مخيف، ويهدد مستقبل البلد وأمنه واستقراره، ويجب أن يتوقف فورا”؛ لأن “المطالب التي يرفعها المواطنون مشروعة، لكن التخريب والعنف والضرب والجرح غير مقبول بتاتا”.
وأكد القيادي اليساري أن “الدولة مطالبة بحماية الاحتجاجات وضمان سيرها السلمي، بدل قمعها وخلق احتقان إضافي”، موضحا أن “من يبرر أو يدافع عن الأعمال التخريبية التي تحدث ليلا في مدن عديدة لا يريد خيرا لهذا الوطن”، معتبرا أن اللحظة الراهنة “تستدعي الاستماع إلى صوت الشعب، والمضي نحو إصلاحات سياسية ودستورية جوهرية، لأن إصلاح التعليم والصحة لا يمكن أن يتم دون شرط سياسي”.
وأورد الأمين العام لحزب “الشمعة” أنه “مع كامل الأسف، ما زالت الدولة تشتغل بالآليات القديمة، وبالوجوه القديمة، وبالأحزاب القديمة التي لم تحقق نتائج تُذكر”.
وتابع العسري: “كنا نحذر منذ مدة، ونقول إن الوضع سينفجر، وإن الشارع يحتاج إلى تنفيس؛ فالمغاربة يعيشون فوق برميل بارود، وعلى فوهة انفجار”.
“مآلات سلبية”
استنكر علي بوطوالة، نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، تخريب الممتلكات العامة والخاصة والانفلاتات التي شهدتها بعض المدن، مؤكدا أن “تدبير الاحتجاجات ينبغي أن يتم بعقلانية وسلمية، في إطار احترام حرية التعبير وصون حقوق الإنسان وكرامته”، مضيفا أن “حزبه سبق أن حذر من مخاطر انزلاق الوضع، لأن استعمال القوة والعنف سيكون له ثمن باهظ على الجميع”.
وأوضح بوطوالة، في تصريح لهسبريس، أن “تعنيف الشباب مرفوض تماما، لأنه يؤدي إلى ردود فعل غير محسوبة كما حدث في عدد من المدن التي عرفت توترا”، مردفا أن “الأحداث الأخيرة خلفت مآسٍ محلية وإنسانية؛ ما يستدعي تدخلا عاجلا لاحتواء الوضع قبل أن يتطور أكثر.
وأبرز نائب الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي أن “اتساع دائرة التخريب لن يخدم مصلحة المغرب، ولا مصلحة الشعب، ولا حتى الدولة نفسها”، مشددا على أن “الدولة، بصفتها الجهة الوحيدة التي تحتكر استعمال العنف، مطالبة بتدبير هذه الحركات الاحتجاجية بعقلانية، خصوصا أنها انطلقت بشكل سلمي خالص، وكانت مطالبها واضحة ومشروعة”، لافتا إلى أن “الشعارات التي رفعت معروفة، وكان بالإمكان اتخاذ إجراءات لطمأنة المجتمع وبناء الثقة قبل أن يبلغ الاحتقان هذا المستوى”.
وأجمل القيادي اليساري تصريحه بالتنبيه إلى التصعيد الحاصل، مؤكدا أن “فيدرالية اليسار، كبقية القوى الوطنية الحية والديمقراطية، لا تأمل أن يستمر هذا المنحى؛ بل تطمح إلى أن يتوقف عند هذا الحد، تفاديا لأي مآلات سلبية قد تسيء إلى حركة احتجاجية سلمية عبرت عن مطالب عادلة ومشروعة، سبق للجميع أن طالب بها ورفعها بغض النظر عن موقعه”.
0 تعليق