فنزويلا الصغرى.. «السويداء» شوكة في حلق الحكومة السورية - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فنزويلا الصغرى.. «السويداء» شوكة في حلق الحكومة السورية - بلس 48, اليوم الأحد 20 يوليو 2025 06:45 مساءً

على بعد نحو 100 كيلومتر من العاصمة دمشق، تقع محافظة السويداء في أقصى الجنوب السوري، تحدها من الشمال ريف دمشق، ومن الغرب درعا، ومن الجنوب الأردن، ومن الشرق بادية السويداء الممتدة حتى حمص، فيمال تبلغ مساحتها حوالي 5500 كيلومتر مربع، ما يجعلها عاشر أكبر محافظة سوريا.

تتميز السويداء بتنوع تضاريسي فريد، حيث تنتشر السهول الخصبة في الغرب والشمال الغربي، بينما تهيمن المناطق الجبلية على الشمال، وتسيطر البادية الصحراوية على الشرق. ويعد جبل العرب (المعروف سابقاً بجبل الدروز) أبرز معالمها، بارتفاع يصل إلى 1800 متر فوق سطح البحر، مع تكوينات صخرية بركانية سوداء. كما تضم المحافظة 18 بحيرة صناعية، أبرزها سدود الروم والغيضة والطيبة، والتي تلعب دوراً حيوياً في ري المزروعات مثل الكرمة والزيتون والتفاح.

فنزويلا الصغرى

تُلقب السويداء محلياً بـ"فنزويلا الصغرى" بسبب الهجرة الكثيفة لأبنائها إلى فنزويلا خلال القرن العشرين، حتى أن نصف سكانها كانوا يحملون الجنسيتين السورية والفنزويلية في منتصف القرن الماضي. يشكل الدروز أكثر من 95% من سكان المحافظة، مع وجود أقليتين صغيرتين من المسيحيين الأرثوذكس والسنة، فيما لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد الدروز في سوريا، لكن التقديرات تشير إلى أنهم يتراوحون بين 700 ألف ومليون نسمة، يتوزعون أيضاً في جرمانا وصحنايا (ريف دمشق) وقرى إدلب والجولان المحتل.

متحف مفتوح على العصور

تعتبر السويداء متحفاً مفتوحاً يعود تاريخه إلى عصور ما قبل التاريخ، كما تشهد على ذلك الكهوف والمغاور الأثرية، وقد شهدت ازدهاراً في العهود النبطية والرومانية والبيزنطية، حيث لا تزال بقايا المعابد والمسارح والكنائس والخزانات الرومانية ماثلة في مدن مثل شهبا وقنوات وصلخد.

أما في التاريخ الحديث، فقد برزت السويداء كقلعة للمقاومة ضد الانتداب الفرنسي بقيادة سلطان باشا الأطرش، الذي قاد الثورة السورية الكبرى عام 1925 من معركة المزرعة الشهيرة. كما شهدت المحافظة أحداثاً دموية في خمسينيات القرن الماضي إثر قصف النظام السوري لها خلال احتجاجات ضد حكم أديب الشيشكلي.

التميز الأمني

تمكنت السويداء من النأي بنفسها عن الصراع الدامي في سوريا منذ 2011، بفضل تماسكها المجتمعي ورفضها للتدخلات الخارجية، سواء من المعارضة أو الميليشيات الموالية لإيران، وحافظت على علاقة هشة مع نظام الأسد، حيث سمحت بوجود رمزي للحكومة، لكنها رفضت التجنيد الإجباري وسياسات دمشق الأمنية.

وفي عام 2023، اندلعت احتجاجات شعبية ضد رفع الدعم عن الوقود والخبز، تحولت إلى مطالب بإسقاط النظام. قادت هذه الحركة مرجعيات دينية مثل الشيخ حكمت الهجري، مما أدى إلى تحول المحافظة نحو حكم ذاتي غير معلن، يعتمد على سلطة رجال الدين والمجالس المحلية والفصائل المسلحة الدرزية.

الفصائل المسلحة

برزت في السويداء عدة فصائل مسلحة درزية، أبرزها: حركة رجال الكرامة وهي الأكبر عددا (5-8 آلاف مقاتل)، وتقودها يحيى الحجار، وتقترب من دمشق، ثم لواء الجبل والذي يضم نحو 5 آلاف مقاتل، ويرفض سلطة النظام، أما المجلس العسكري للسويداء فيقوده العقيد طارق الشوفي (5 آلاف مقاتل)، ويؤيد الحكم الذاتي، وأخيرا درع التوحيد وهو عبارة عن مجموعة حماية الشيخ الهجري (300 مقاتل).

كما شهدت المحافظة صراعات مع جماعات إجرامية موالية للنظام مثل عصابة راجي فلحوط، التي تم تصفيتها عام 2022.

تهديد "داعش" 

تعرضت السويداء لهجمات من تنظيم "داعش"، أبرزها مجزرة 2018 التي راح ضحيتها 300 درزي. اتهم السكان النظام بالتخاذل، مما زاد الشرخ بين الطرفين. ولا تزال التهديدات الأمنية قائمة، خاصة في المناطق الحدودية مع البادية.

واليوم، تواجه السويداء تحديات الحفاظ على استقرارها بين مطالب الحكم الذاتي وضغوط دمشق، في مشهد يعكس تعقيد الوضع السوري ككل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق