«ممر داوود».. المشروع الصهيوني لتقسيم سوريا عبر الجنوب وتأمين ممر بري حتى إيران - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«ممر داوود».. المشروع الصهيوني لتقسيم سوريا عبر الجنوب وتأمين ممر بري حتى إيران - بلس 48, اليوم الاثنين 21 يوليو 2025 11:00 مساءً

- تل أبيب تصنع فراغًا جيوسياسيًّا في الجنوب السوري لخدمة مشروعها الاستراتيجي

- انسحاب قوات الشرع من السويداء: هل هو اتفاق قتالي أم تنازل يُوسّع الفراغ الأمني؟

- انقسام داخل الطائفة الدرزية يفتح الباب أمام تساؤلات حول دور الدولة السورية

- إسرائيل تستغل انشغال العالم بالاقتتال الطائفي لتُرسّخ وجودها العسكري في الجنوب

- قواعد عسكرية صهيونية جديدة في القنيطرة ودرعا، ودعوة لتفكيك البلاد فدراليًّا

- كيف تُوظّف إسرائيل علاقاتها مع الأكراد والدروز لإعادة تشكيل الشرق الأوسط؟

بينما يتّجه اهتمام العالم نحو مشاهد الاقتتال الطائفي في الجنوب السوري، خاصة بين طائفة الدروز وبعض العشائر السنية، تتحرّك إسرائيل في الخفاء لتنفيذ أحد أخطر مشاريعها التوسعية ذات الجذور التوراتية، والمعروف باسم «ممر داوود».

المشروع، الذي يستهدف إعادة رسم الجغرافيا السياسية لسوريا والمنطقة، يقوم على فرض سيطرة إسرائيلية على المناطق الحدودية الجنوبية، تمهيدًا لشق ممر بري يمتد من الجولان المحتل مرورًا بسوريا والعراق وصولًا إلى الحدود الإيرانية.

يتزامن هذا التحرك مع انسحاب القوات السورية من السويداء، بموجب اتفاق يثير تساؤلات حول دور الدولة ومكانة الطائفة الدرزية، وبين الانقسام داخل المشيخة الدرزية، واستغلال إسرائيل للفراغ الأمني والاقتتال الطائفي، يصبح الجنوب السوري ميدانًا لتطبيق هذا المخطط الخطير.

لا يقتصر المخطط على الأبعاد العسكرية فحسب، بل يمتد ليطال البُعدين الاقتصادي والاستراتيجي، ويكشف عن سعي تل أبيب إلى فرض وقائع جديدة على الأرض مستفيدة من هشاشة الدولة السورية وتفكك النسيج الاجتماعي.

اتفاق قتالي

وأعلنت حكومة أحمد الشرع أن انسحاب القوات السورية من محافظة السويداء جاء بناءً على اتفاق بين الطائفة الدرزية والحكومة، نصَّ على وقف العمليات القتالية بين الجانبين، وتشكيل لجنة مراقبة مشتركة بين الدروز والحكومة للإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. ويرى مراقبون أن هذا البند يُظهر قدرًا من الندية بين الحكومة والطائفة الدرزية.

ويشير البند الثالث من الاتفاق إلى السماح للحكومة السورية بنشر عناصر من الشرطة في السويداء، على أن يتولى قيادة هذه القوات ضباط من الطائفة الدرزية. ويتضمن البند الرابع تحقيق الاندماج الكامل للمؤسسات الدرزية ضمن مؤسسات الدولة. أما البند الخامس، فينص على تنظيم حمل السلاح، والتنسيق مع شيوخ الدروز، والحفاظ على الخصوصية التاريخية للطائفة. فيما أكد البند السادس على صون السيادة السورية في الجنوب.

غير أن هذا الاتفاق واجه انقسامًا بين كبار شيوخ الطائفة، إذ وافق عليه الشيخ يوسف جربوع، بينما رفضه الشيخ حكمت الهجري، مشروطًا بتحرير كامل أراضي الجنوب. ولم يوضح الشيخ الهجري ما إذا كان يقصد بالتحرير الانفصال الكامل عن سوريا أم انسحاب قوات الشرع فقط. ورغم ذلك، انسحبت جميع قوات الشرع من الجنوب، إلا أن الاشتباكات ما زالت مستمرة في المنطقة.

انتشار إسرائيلي

وترفض إسرائيل أيَّ وجود عسكري سوري في الجنوب السوري منذ انهيار حكومة بشار الأسد، حيث أنشأت مناطق منزوعة السلاح في القنيطرة ودرعا والسويداء، وذلك بعد قيامها بتدمير جميع الدفاعات الجوية ومخازن السلاح داخل سوريا، وأشارت تقارير إلى أن إسرائيل أقامت عشر قواعد عسكرية جديدة، خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025 الجاري، داخل مناطق استراتيجية مثل تلول الحمر، والجباتا الخشب، والقحطانية، والحامدية في محافظة القنيطرة، ومناطق أخرى في محافظة درعا.

كما تعهّد وزير الدفاع الصهيوني، يسرائيل كاتس، ببقاء القوات الإسرائيلية إلى أجل غير مسمى في جبل الشيخ والجولان، ودعا إلى تفكيك سوريا إلى كيانات اتحادية. غير أن الاقتتال الطائفي بين الدروز وقبائل البدو وفّر فرصة سانحة لإسرائيل لتنفيذ مخططها التوراتي القائم على تقسيم سوريا، بذريعة حماية الأقلية الدرزية التي يعتبرها الكيان الصهيوني امتدادًا لمواطنيه في الجولان المحتل، حيث ينضم العديد من أبناء هذه الطائفة إلى جيش الاحتلال ويتقلّدون فيه مناصب رفيعة.

وفي ظل هذه التطورات، ومحاولات الكيان (بدعم من واشنطن) إعادة تشكيل الشرق الأوسط، تعتبر إسرائيل جنوب سوريا الآن فراغًا استراتيجيًّا بعد إضعاف الجيش السوري وإيران، مما يجعل هذا الوضع مهيّأً لتنفيذ المخطط المعروف بـ"ممر داوود"، وهو مشروع إسرائيلي أوسع يستهدف إعادة هندسة الجغرافيا السياسية لسوريا، من خلال عزل الجنوب عسكريًّا، وتغيير ميزان القوى، وشق ممر نفوذ يمتد عبر تضاريس ثلاث دول: يبدأ من سوريا، مرورًا بالعراق، وصولًا إلى إيران.

نفوذ صهيوني

ظهرت فكرة «ممر داوود» الصهيونية خلال السنوات الأخيرة في الخطاب الاستراتيجي والسياسي لتل أبيب، بالتزامن مع الحديث عن إعادة تشكيل النفوذ الجيوسياسي لإسرائيل في بلاد الشام، ورغم أن الإسرائيليين لم يُصدروا أي إعلان رسمي بشأن هذا المشروع المزعوم، فإن محلّلين أشاروا إلى أنه مشروع سري يهدف إلى إنشاء ممر بري يمتد من مرتفعات الجولان السورية المحتلة، عبر جنوب سوريا، وصولًا إلى نهر الفرات.

ومن المتوقع أن يمر هذا المسار الافتراضي عبر محافظات درعا، والسويداء، والتنف، ودير الزور، ومنطقة البوكمال الحدودية بين سوريا والعراق، ما يوفر لدولة الاحتلال قناة برية استراتيجية تصل حتى الحدود الإيرانية، لتكون طهران في مرمى النيران الإسرائيلية، في حال قررت استئناف برنامجها النووي. كما يهدف هذا الطريق إلى قطع خطوط إمداد السلاح لحزب الله في لبنان، إذ يُعد «ممر داوود» بمثابة طريق معاكس للطريق التقليدي الذي كانت تمرّ عبره شحنات السلاح من إيران إلى لبنان عبر الأراضي السورية.

أما من الناحية الأيديولوجية، فيرتكز المشروع على رؤية «إسرائيل الكبرى»، وهو مفهوم توسعي يُنسب إلى مؤسس الصهيونية ثيودور هرتزل. وتستند هذه الرؤية إلى خريطة توراتية تمتد من نيل مصر إلى نهر الفرات في العراق. ويؤكد خبراء أن «ممر داوود» يُجسّد هذه الرؤية اللاهوتية، التي تفترض سيطرة إسرائيلية على سوريا والعراق ومصر، وهي دول تُعدّ ثالوثًا محوريًا في التراث التوراتي وفي مشروع الهيمنة الإقليمية. وقد أضفت التطورات الجيوسياسية في سوريا واقعية جديدة على هذه الطموحات التاريخية.

ومن الناحية الاستراتيجية، يتماشى «ممر داوود» مع سياسة إسرائيل الراسخة في بناء علاقات مع الأقليات الإقليمية (الأكراد والدروز وغيرهم)، لموازنة عداء الدول العربية. وقد عززت هذه الاستراتيجية الدعم الإسرائيلي للحكم الذاتي الكردي منذ ستينيات القرن الماضي، وهو ما يفسر أيضًا التحالف والدعم السياسي الإسرائيلي لإقليم كردستان العراق. ويؤكد مراقبون أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى اختراق الجدار العربي المحيط بإسرائيل وتوسيع نطاقها الجيوسياسي، ومن ثم، يندرج «ممر داوود» ضمن هذا النموذج تمامًا.

تهدف إسرائيل من خلال مشروع «ممر داوود» إلى تحقيق جملة من الغايات الاستراتيجية المتشابكة عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا. فعلى الصعيد العسكري، يوفّر هذا الممر عمقًا استراتيجيًا يُمكّن إسرائيل من قطع الطرق البرية بين إيران وحزب الله، كما يتيح لها تمرير الدعم العسكري والاستخباراتي إلى حلفائها الإقليميين، خاصة القوات الكردية. أما اقتصاديًا، فيفتح الممر الباب أمام إنشاء خط أنابيب نفط يمتد من كركوك أو أربيل (وهما من أبرز المناطق الكردية الغنية بالنفط)، وصولًا إلى ميناء حيفا، متجاوزًا الأراضي التركية ومخاطر الملاحة في البحر الأحمر والخليج العربي بفعل تهديدات الحوثيين. وفي البعد السياسي، يسهم المشروع في تعزيز التحالف الإسرائيلي-الكردي، وتقويض السيادتين السورية والعراقية على مناطقهما الشرقية، فضلًا عن ترسيخ رؤية «إسرائيل الكبرى» التي تتخذ من نهر الفرات حدًّا رمزيًا ضمن خريطة توسعية ذات جذور توراتية.

ويرى مراقبون أن أيّ اتفاق لوقف القتال بين الطوائف العرقية في سوريا، لا سيما بين الدروز والبدو السنة في الجنوب، سيكون اتفاقًا هشًّا، تغذّيه الانقسامات داخل الطائفة الدرزية نفسها، والتي تؤمن بعض قياداتها بضرورة إقامة كيان مستقل عن الدولة السورية. وهو ما يفسّر استمرار المناوشات والقتال حتى بعد موافقة بعض شيوخ الطائفة على بنود الاتفاق، حيث لن تترك إسرائيل الفرصة تمر دون استغلال، بل ستعمل على تأجيج الصراع الطائفي في الجنوب السوري لتنفيذ مشروعها التوراتي.

اقرأ أيضاًتمهيدًا لنقل المعركة إلى الساحة السورية.. ضغوط أمريكية لوقف العدوان الإسرائيلي مؤقتًا على قطاع غزة

الرئاسة السورية تعلن وقفا شاملا لإطلاق النار في السويداء

«مصطفى بكري» يكشف الهدف الأساسي من الأحداث السورية الجارية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق