نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المنظومة التربوية بين النجاح و الإنجاح - بلس 48, اليوم الاثنين 4 أغسطس 2025 01:57 مساءً
تعاني المنظومة التربوية التعليمية بالمغرب من عطبٍ ما؛ فبرغم كل المخططات والبرامج، ما تزال المدرسة المغربية ترزح تحت وطأة أزمتها. إن تقلب هذه البرامج وتغييرها المفاجئ مع كل تغيير في الحقائب الوزارية لا يدلّ على قدرة المنظومة على فك طلاسمها وبعث الروح في جسد التعليم. قد ترتفع الأرقام، وقد تنتعش المؤشرات... لكننا أمام أزمة منظومة تحتاج إلى التشريح، لا إلى الترقيع.
مع نهاية كل موسم دراسي، تتراقص النسب وتعلو عن سابقاتها، ويُقدَّم ذلك دليلاً على النجاح. لكن سرعان ما يخرج مسؤول في وقت لاحق ليصرّح بأن نسبة المتقنين للقراءة أو الحساب مثلًا لا تتجاوز رقمًا معينًا، وهو ما يناقض ما أعلنته المؤسسات من نسب نجاح مرتفعة!
إن حلقات هذه المنظومة، بتداخلها، تشترك في صناعة النجاح كما تشترك في إنتاج العطب. فهل لدى كل فاعل تربوي الجرأة الكافية للاعتراف بمسؤوليته عن فشل أو محدودية البرامج السابقة؟
في تشريح أولي بسيط، يمكن الوقوف عند بعض النقاط الأساسية:
مدى قدرة التلميذ على مسايرة البرامج التعليمية في التعليم الابتدائي ثم الإعدادي، وانتقاله من مرحلة إلى أخرى عبر امتحانات إشهادية تُظهر فروقات شاسعة بين مستوى أغلب التلاميذ وفهمهم للأسئلة، فكيف لهم أن يجيبوا عنها دون تدخل أو توجيه؟
التدريس باللغات الأجنبية: هل لدينا تلميذ متمكن بما يكفي لمتابعة دراسته بلغة تقنية أجنبية؟ وهل نملك أساتذة مكوَّنين جيدًا، قادرين على التدريس والتواصل بلغة أجنبية بشكل فعّال؟
الطاقم التربوي والتكوين: هل تتوفر لدينا هيئة تربوية ذات كفاءة وتكوين عالٍ؟ وهل نملك فعلًا برامج حقيقية للتكوين المستمر؟ إذ لا يزال بعض الأساتذة يعملون في "جزر معزولة"، دون تأطير أو مواكبة مهنية.
الحركة الانتقالية وتأثيرها على التوزيع العادل للأطر التعليمية: هناك جهات لا يستقر فيها الأساتذة، فتُصبح بمثابة فضاءات للتجريب واستكمال التكوين، مما يؤثر سلبًا على مصلحة التلميذ وجودة تعلمه.
البنية التحتية والموارد: هل نعاني من نقص في البنى التحتية، أو في الموارد المالية واللوجستية؟ قد تتفاوت هذه النواقص، لكن الأزمة في جوهرها ليست أزمة غرف ومقاعد، بل أزمة برامج معرفية بالدرجة الأولى.
القطاع الخاص والتعليم الخصوصي: بين التعليم العمومي والخصوصي تفاوت واضح، والهجرة نحو التعليم الخصوصي تعكس أزمة في العمومي. لكن هل التعليم الخصوصي قادر فعلًا على حل الأزمة؟ إن مردودية هذا القطاع، ونسب النجاح فيه، ومستوى تلاميذه... كلها أمور تستدعي متابعة مستمرة، وتدخّل الدولة لكبح الجشع، وضمان مراقبة تضمن أحقيته بمردودية الأرقام لا بتزييفها.
الدروس الخصوصية: يحيلنا التعليم الخصوصي أيضًا إلى معضلة الدروس الإضافية، والهاجس الذي باتت تشكله لدى الأسر المغربية، في ظل غياب ثقة مكتملة في التعليم العمومي.
الوضع المالي والتحفيزي للأساتذة: وهي نقطة لا يمكن إغفالها، فمقارنة مع باقي القطاعات، لا يصح أن يتذيّل الأستاذ سلم الأجور بين موظفي الدولة، في غياب تحفيزات حقيقية توازي الجهد الذي يبذله داخل الفصل وخارجه.
لا أحد ينكر الجهود المبذولة لإصلاح المنظومة التعليمية و الرقي بها، إلا أن هذه البرامج و الحديث منها قد لا تسلم من جدوائية النفع و المردودية، إن لم تتبعها يد المحاسبة و الشفافية والحكامة الجيدة.
0 تعليق