نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في الذكرى الـ73.. يوليو بعيون «ثوارها» - بلس 48, اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 11:50 صباحاً
حب الوطن والإيثار والشجاعة والإقدام، كان القاسم المشترك لمجموعة من الشباب الذين هالهم مايتعرض له المجتمع من تداعيات على كل المستويات لنظام ملكي فاسد واحتلال أجنبي، فحملوا أرواحهم على أكفهم وتعاهدوا على تخليص وطنهم من كل العلل التى أمرضته على مر التاريخ، هم رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه، لم يمنعهم خوف على مستقبلهم الوظيفي وكان بإمكانهم وهم ضباط فى القوات المسلحة التمتع بكل المزايا الوظيفية دون أن يحرك مشاعرهم ما يتعرض له بنو وطنهم من ذل واستعباد.
ثاروا للكرامة الإنسانية وللاستقلال الوطني، تركوا أسرهم خلفهم وكانوا جميعا لهم أطفال صغار، دفعهم الإيمان المطلق بالله، إلى الإقدام على ثورة ما كان لعقل بشر يومها أن يستوعب تفاصيلها الدقيقة وخطتها المحكمة، راهنوا على النجاح ولم يكترثوا لاحتمالات الفشل، فكان تنظيم الضباط الأحرار وكانت ثورة يوليو المجيدة والتي تمر هذا العام ذكراها الـ73، وتم اختبار النظر إلى ثورة يوليو بعيون من قاموا بها، للاقتراب أكثر من تلك اللحظات الحاسمة التي سبقت صباح 23يوليو 1952.
نبدأ بكلمات الزعيم جمال عبد الناصر الذى أجمع كل رفاقه في تنظيم الضباط الأحرار على أنه كان موضع تقدير من الجميع كان يتمتع بشخصية قيادية، إلى جانب صفاته الإنسانية والأخلاقية، كان ناصر يحمل بين جنباته قلبا ثائرا فعمل وخطط وجازف بمستقبله الوظيفي والاسري، لان مجرد احتمال فشل الثورة يعني نهاية قاسية له، تحدث ناصر عن ثورته فقال في مقال من خمسة آلاف كلمة، نشرته مجلة فورين أفيرز لأول مرة في عدد يناير 1955: «إن المشكلات التي تواجه الأمة المصرية انقسمت إلى الصراع بين الأمة وحكامها، من ناحية، والصراع بين الأمة والتدخل الأجنبي، من ناحية أخرى، وخاضت الأمة المصرية معركة من أجل الاستقرار الدستوري، إلى جانب معركة أخرى من أجل السيادة والحكم الذاتي، وشمل ذلك رفع المستويات الثقافية والاجتماعية. وكانت المشكلة هي استعادة الكرامة الإنسانية في مصر، وكانت الثورة هي الطريقة الوحيد للخروج من ذلك وقد وقعت في عام 1952 بقيادة الجيش وبتأييد من الأمة. فقد فهم الجيش وضعه وانضم إلى صفوف الشعب ليقود الحركة من أجل التحرر الوطني، ووعيا باتجاه الأحداث التالية، أدركت الثورة أهدافها خلال فترة أقصر مما هو متوقع فخلعت الملك وألغت الملكية وأقامت الجمهورية المصرية».

وأضاف عبد الناصر: «بما أن الثروة القومية كانت موزعة بشكل غير عادل، وضعت الثورة قانون الإصلاح الزراعي الذى حدد سقفا للملكية الزراعية وإيجارات الأراضي ونظم العلاقة بين المالك والمستأجر. وكان هم الثورة الرئيسي هو تحقيق سيادة الدولة فكان لا بد من جلاء البريطانيين».
وعن سياسة النظام الجديد في مصر الخاصة بإعادة بناء البلاد، قال عبد الناصر، إنها قامت على أسس جديدة وهى التنمية المتكاملة ثلاثية الشُعَب. وكان مشروع السد العالي لزيادة الإنتاج الزراعي، كما أن توربينات السد ستولد 10 مليارات كيلو وات كهرباء كل عام.
كانت المحطة الأساسية في حياة الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأشهر في دولة يوليو، وبداية ارتباطه بتنظيم الضباط الأحرار عندما التحق بكلية أركان حرب التي جمعت بينه وبين جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وصلاح سالم وزكريا محي الدين، وكانت أوقات الفراغ القليلة تمتلئ بالنقاش بين هؤلاء الضباط الشبان حول التفكير في انقاذ الوطن الى أن تم إعلان نشأة دولة الكيان، وجاءت حرب فلسطين ليذهبوا اليها ويعودوا بنفوس مهزومة ومهمومة.
وقال عكاشة: «بعد الحرب عدنا الى القاهرة وشكل عبد الناصر تنظيم الضباط الاحرار ومنذ عام 1949 الى عام 1952 انتظمنا في هذا التنظيم، وكان لناصر في قلوبنا مكانة كبيرة لتميزه بجميع صفات القائد فكانت لديه روح الزعامة، والقدوة أخلاقيا وإنسانيا وعسكريا، مما جعلنا نسلم له زمام القيادة حتى قبل أن يتم تشكيل تنظيم الضباط الأحرار».
وضاف عكاشة: «في يوم جمعة من شهر مارس عام 1952اخبرني ناصر بالقيام بالثورة في شهر أغسطس، لكن حدث أمر أكثر خطورة عجل بقيام الثورة في يوليو بدلا من أغسطس، فقد تلقيت مكالمة تليفونية من الصديق أحمد أبو الفتح أخبرني فيها انه تم اكتشاف تنظيم الضباط الاحرار وأن هناك 14 ضابطا عرفت أسماؤهم من أعضاء التنظيم وسينكل بهم قريبا جدا، أخبرت ناصر بمضمون المكالمة وسألني عن رأيي، فأجبته نقوم بالعملية بكرة وخاصة أن سلاح الفرسان جاهز بضباطه للقيام بالعملية وذكرت له إحصاء بعدد الدبابات والسيارات المدرعة الموجودة، ولم يتردد ناصر وحدد يوم 21 يوليو لقيام الثورة حتى يعطي بعض الوقت لوحدات المشاة من سيناء».
وقال عكاشة: «في الثامنة مساء قبل خروجنا للثورة زارني جمال عبد الناصر في منزلي ليتأكد منى أن ضباط سلاح الفرسان جاهزون في الموعد المحدد هذه الليلة، وكان معنا باقي الزملاء حسين الشافعي وخالد محيي الدين وعثمان فوزى ووجيه رشدي، وبعد أن انتهينا من الاجتماع دخلت الى حجرة ابنيّ نورا ومحمود وقبلتهما وهما في فراشهما، وأخذت مصحفي ومسدسي وسلمت على زوجتي التي كانت تعلم كل شيء عن الثورة، وكانت تشجعني دائما ودعت لي بالنجاح وخرجت ولا أعرف هل سأعود إلى منزلي مرة أخري أم لا».
وأضاف عكاشة: «بعد الثورة عُينت وزيرا للثقافة وقتها قال لي الرئيس جمال عبد الناصر: عايز اشوف الكلام اللي كنت بتقوله لي طول عمرك عن الفن والثقافة، المهم عندي هو تعزيز الشخصية المصرية وهذا في مرتبة أكبر مصنع، ووقف الرئيس معي كثيرا في الميزانيات التي كنت أطلبها فقد كان الوحيد الذى يدرك أن الثقافة ليست ترفا وكان يوفر لي الأموال قدر المستطاع».
وحكي حامد محمود الذى انتدب للعمل في رئاسة الجمهورية ثم عين محافظا للسويس ثم للجيزة، أنه تعرف على عبد الحكيم عامر وصلاح سالم وأنور السادات وهو في رئاسة القوات المصرية في فلسطين، ونزل للقاهرة من رفح وتحرك مع الكتيبة 13 مشاة وهى الكتيبة التي قامت بمهمات مباشرة فى محاصرة مقر القيادة وخلع الملك في الإسكندرية.
وقال: «بدأت العمل بالقرب من الرئيس عبد الناصر منذ عام 1956وكان من ضمن أحداث هذا العام تأميم القناة والعدوان الثلاثي وأذكر من الجوانب الإنسانية للرئيس هذا الموقف أثناء العدوان الثلاثي على مصر، فعندما استشعر أعضاء مجلس قيادة الثورة الخطر على الرئيس عبد الناصر بعد زيادة الطلعات الجوية وحدوث بعض التهديدات لبيته، فاقترحوا عليه اللجوء الى مكان آمن، وكان مبني المخابرات العامة الملحق بمجلس الوزراء، واستجاب الرئيس للضغوط، وكان المبني عبارة عن بدروم محصن ضد ضرب الطائرات، وبدأت محاولات عبد اللطيف البغدادي وزكريا محيي الدين وعلى صبري لإقناع الرئيس بالانتقال الى هذا المكان وهم الى جواره، وعندما شاهد الرئيس المكان فوجئ الكل بقوله: ليس عندي مخبأ للشعب المصري كله.. هل أنجو بنفسي وأترك الناس في العراء؟ ودار النقاش معه.. يا ريس أنت شيء والشعب شيء أنت القيادة والزعامة ووجودك في مكان آمن فداء للشعب كله وللبلد كلها، ولكن الرئيس رفض الفكرة وشكرهم على حماسهم».
في كتابه بعنوان «الآن أتكلم» وصف خالد محيي الدين، شعور الضباط بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب فلسطين، فقال: «بدأ وقتها يتشكل لدى ضباط الجيش مشاعر ضد الإنجليز وبدأت قضية الموقف ضد الاحتلال تشكل عنصرًا أساسيًا في تفكيرهم، ولكن أي شيء وأي توجه؟ حتى عام 1944 عندما جاءني الضابط عبد المنعم عبد الرؤوف قائلًا: تعال سأعرفك بضابط يجب أن تتعرف عليه، فكان اللقاء الأول بـ عبد الناصر، وكان في النصف الثاني من عام 1949 موعد الاجتماع الأول للخلية الأولى لتنظيم الضباط الأحرار في بيت عبد الناصر بكوبرى القبة، فتولى عبد الناصر القيادة، وسمينا الحركة أهداف الضباط الأحرار، وكان قرار حلّ نادى الضباط وما تبعه من تهديد باعتقال عدد من الضباط وبعد ذلك التفكير في حملة الاغتيالات ثم العدول عن ذلك وفقا لرأى عبد الناصر ثم اتخاذ قرار بحل التنظيم يوم الثاني من أغسطس 1952 لإملاء شروطه على الملك، وبعد ذلك عقدت لجنة القيادة اجتماعا بعد ظهر 22 يوليو 1952 وقررت فيه أن يبدأ التحرك ليلة 23 يوليو، ودخلت مصر مرحلة جديدة من تاريخها».
وبالنسبة لأي من أعضاء لجنة القيادة لم يكن هناك أي مجال للتخلص من المسؤولية في حالة الفشل، وخاصة بالنسبة لشخص كجمال عبد الناصر الذي تورط أمام أعداد كبيرة من الضباط بصفته المسؤول الأول عن الحركة..
وأضاف محيي الدين، واصفا عبد الناصر، فيقول: «كان قارئًا ممتازا سواء قبل الثورة أو بعدها وحتى بعد أن أصبح حاكما متعدد المسؤوليات.. وكان هناك جهاز خاص، مهمته أن يلخص له الكتب المهمة وأن يترجم له العديد من الكتب والمجلات والصحف، وكان عبد الناصر مستمعا جيدا وكانت علاقته بي حميمة دوما فأنا تعاملت معه منذ البداية بوضوح وصراحة وإخلاص، وكان يقدر ذلك دوما وعندما بدأت خلافاتنا في مجلس قيادة الثورة طلبت أكثر من مرة أن أستقيل لكنه قاوم ذلك بشدة ودافع عنى أكثر من مرة وكان دائم الإلحاح على أعضاء مجلس الثورة أن يفرقوا بين موقفي وموقف محمد نجيب».
وقال حسين الشافعي، أحد الأعضاء البارزين في تنظيم الضباط الأحرار: «بدأت معرفتي بعبد الناصر منذ الدراسة بالكلية الحربية في العام الدراسي 36-1937وكان معي زكريا محيي الدين وأنور السادات، وتوطدت الصداقة بيننا منذ عام 1945، وكانت البداية الحقيقية لتنظيم الضباط الاحرار في عام 1950، حيث زارني عبد الناصر في منزلي بالعباسية، وكان في هذه الأثناء مدرسا بالكلية الحربية وبدأ يكلمني عن كل شيء في التنظيم، لكن تكليفي بأن أكون قائدا للمدرعات كان في سبتمبر عام 1951، وذلك حين قابلت عبد الناصر صدفة في إدارة الجيش حيث كان منتدبا للعمل كمساعد لمدير المستخدمين العسكريين، وحدثته عن أوضاع البلد وحالة الجيش والصراعات السياسية، وأضفت ان البلد هي التي تدفع الثمن في النهاية والجيش هو الضحية وعلينا أن نحسم الأمر ونحرر ارادتنا فقد أصبحنا نخجل من ملابسنا العسكرية».
وأضاف الشافعي: «لم يعلق عبد الناصر بأي كلمة رغم استماعه جيدا لكل ما قلت وارسل لي في المساء كلا من ثروت عكاشة وعثمان فوزى من ضباط السلاح ليبلغوني أن أكون ممثلا للضباط الاحرار في قيادة المدرعات لحساب الثورة، ومن ثم أدرت العمل في قيادة المدرعات ليلة 23 يوليو، وكان عبد الناصر هو القائد الحقيقي للضباط الاحرار بالكلمة والخدمة والعلم والعطاء والتضحية، فقد كان من خلال موقعه كمدرس في كلية الأركان له مشجعون كثيرون وكان موضع تقدير من الجميع، وهو القائد بلا منازع وبغض النظر عن الأدوار التي قام بها آخرون مهما كانت سياسية».
وقال: «بمجرد نجاح الثورة أصبح لنا وضع سياسي فرضته الظروف من خروج الملك وإلغاء النظام الملكي مما اعطانا وضعا سياسيا وفرض لنا سلطة السيادة، ولم يكن هناك بديل لرجال الجيش الذين قاموا بالثورة لكي يتولوا أمر الحكم على الأقل ليضمنوا الأمان لثورتهم التي بذلوا من اجلها الغالي، ومع ذلك لم يكن هناك خلاف على رئاسة عبد الناصر، اما الضباط الاخرون فقد اختيروا لتولى بعض المناصب الكبرى لعدم امتلاكنا أي احتكاك خارج الجيش وكانت القوات المسلحة بمثابة الكادر العام للثورة».
اقرأ أيضاًكيف أعادت ثورة يوليو قناة السويس لمصر؟
في ذكراها الـ 73.. كيف صاغت ثورة يوليو مسار القضية الفلسطينية؟
وزير الداخلية يهنئ مدبولي وقيادات الدولة بمناسبة ذكرى ثورة يوليو المجيدة
0 تعليق