في ظل التحولات التي يشهدها ملف الحماية الاجتماعية في مصر، يبرز الدعم النقدي المشروط كأحد أهم أدوات الدولة لإعادة هيكلة سياسات الدعم وتوجيهها نحو الفئات الأكثر احتياجًا، مع ربط الاستفادة منه بشروط تتعلق بالصحة والتعليم.

ويأتي ذلك في إطار توجه حكومي نحو رفع كفاءة الإنفاق العام الذي يرصده تحيا مصر، والانتقال من الدعم العيني التقليدي إلى دعم يهدف لبناء الإنسان واستدامة التنمية.

ما هو الدعم النقدي المشروط؟

الدعم النقدي المشروط هو آلية تقوم على منح الأسر الفقيرة مبالغ مالية شهرية مقابل التزامها بمتطلبات معينة، مثل إرسال أبنائها للمدارس أو إجراء الفحوص الطبية الدورية, ويُطبَّق ذلك من خلال برنامج تكافل وكرامة، الذي ينقسم إلى:

تكافل: دعم مشروط للتعليم والصحة، يستفيد منه الأسر التي لديها أبناء دون سن 26 عامًا أو حتى انتهاء التعليم الجامعي، وبحد أقصى لطفلين.

كرامة: دعم غير مشروط للفئات التي تعجز عن العمل، مثل كبار السن وذوي الإعاقة.

الفئات المستفيدة

وفق القانون الجديد للضمان الاجتماعي الصادر في مارس 2025، تشمل الفئات المستحقة:

1. الأسر المكونة من زوجين وأبناء معالين أو بعضهم.

2. الأسر المعالة من طرف واحد.

3. أسر نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل.

4. أسر المجندين.

5. الأسر الفقيرة غير المدرجة في البنود السابقة.

ويتم تحديد الاستحقاق بناءً على خرائط الفقر والمعادلات الاختبارية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية، مع مراجعة دورية للتحقق من استمرار الاستحقاق.

برامج داعمة

إلى جانب الدعم النقدي المباشر، يندرج برنامج فرصة التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، والذي يستهدف المستفيدين من "تكافل وكرامة" أو من رفض تقييمهم بفارق بسيط، عبر توفير القروض الصغيرة، والتدريب المهني، ودعم المشروعات متناهية الصغر لتمكينهم اقتصاديًا.

ملفات لم تُفتح بعد

رغم النجاحات المعلنة، لا يزال الملف يواجه عدة تحديات، منها:

دقة الاستهداف واحتمال استبعاد أسر مستحقة فعليًا.

مخاطر الاعتمادية على الدولة بدلًا من تعزيز الاعتماد على الذات.

محدودية الأثر طويل الأمد إذا لم يتزامن الدعم مع إصلاحات أوسع في التعليم وسوق العمل.

الحاجة إلى تطوير آليات المتابعة والتقييم لضمان تحقيق الأهداف الاجتماعية.

يمثل الدعم النقدي المشروط أداة فعّالة لإعادة توجيه الدعم نحو الفئات الأكثر احتياجًا، مع محاولة ربطه بالتنمية البشرية. غير أن نجاحه الكامل يتطلب فتح الملفات المؤجلة، وتحقيق التوازن بين تقديم الحماية الاجتماعية ودعم التمكين الاقتصادي للأسر المستفيدة، حتى يصبح هذا النوع من الدعم خطوة نحو الاكتفاء، لا مجرد مساعدة مؤقتة.