نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
روث الخيول.. عندما يصبح «التحدي» فرصة للحياة - بلس 48, اليوم الجمعة 8 أغسطس 2025 02:48 مساءً
في شوارع الأقصر التي تعج بتاريخ الفراعنة، توجد قصص حية لا تقل عظمة عن معابدها. قصص لأناس بسطاء، وجدوا في مشكلة مزمنة فرصة لتغيير حياتهم وحياة مدينتهم.
كان روث الخيول، الذي يخلّفه أصحاب عربات «الحنطور» السياحية، يمثل تحديًا بيئيًا وصحيًا مزعجًا، يهدد جمال المدينة وسمعتها السياحية. لكن بفضل مشروع إنساني فريد، تحوّل هذا التحدي إلى بصيص أمل، يضيء حياة العشرات من الأسر.
من مشهد يومي مزعج إلى مشروع حياة
«كان المنظر غير حضاري بالمرة»، هكذا يصف عم أحمد، وهو سائق حنطور يعمل في المهنة منذ أكثر من عشرين عامًا، مشهد روث الخيول المتراكم. «كنا نتحرج من السياح. ندرك أن هذا المنظر لا يليق بالأقصر. لكن ماذا نفعل؟ لا يوجد حل آخر».
لم يعد عم أحمد وزملاؤه وحيدين في مواجهة هذه المشكلة. فمن خلال مبادرة من جمعية نور الإسلام الخيرية، وبدعم من برنامج المنح الصغيرة التابع لمرفق البيئة العالمية (GEF/SGP)، وُلد مشروع «روث الخيول». لم يكن المشروع مجرد خطة لجمع النفايات، بل كان رؤية إنسانية ترى في أصحاب الحنطور شركاء فاعلين في التنمية، لا مجرد مشكلة يجب حلها.

قصص
بابتسامة لا تفارق وجهه، يروي عم أحمد كيف تغيّرت حياته «قدموا لنا حفاضات للخيول وأكياسًا لجمع الروث في البداية، كنا نظنها مزحة لكن بعد ذلك، وجدنا أنفسنا نكسب مقابلًا ماديًا بسيطًا أو كمية من العلف الجيد لخيولنا، مقابل كل كمية نسلمها لم تعد الخيول عبئًا، بل أصبحت مصدر رزق إضافي يفتح لنا أبوابًا جديدة».
لم يقتصر الأمر على المكافأة المادية فالمشروع أوجد نظامًا اجتماعيًا متكاملًا. أصبح أصحاب الحنطور جزءًا من منظومة تعمل بانسجام: يجمعون الروث، ويسلمونه لشباب من المجتمع المحلي تم تدريبهم على تحويله إلى سماد عضوي طبيعي. هذا السماد لا يلوث الأرض، بل يغذيها، ويجد إقبالًا كبيرًا من المزارعين المحليين الذين سئموا من الأسمدة الكيماوية باهظة الثمن والضارة.
«أشعر بفخر حقيقي»، تقول الحاجة أم محمد، إحدى المزارعات المستفيدات من المشروع. «هذا السماد جعل أرضي أكثر خصوبة، وزاد محصولي. والأهم من ذلك أنه صحي لنا ولأطفالنا».
تأثير
مشروع «روث الخيول» ليس مجرد قصة نجاح بيئية أو اقتصادية، بل هو قصة عن كرامة الإنسان ووعيه لقد أثبت أن أبسط الأفراد، عندما يجدون من يوجههم ويدعمهم، يمكنهم أن يكونوا قوة دافعة للتغيير.

من خلال حملات التوعية التي نظمتها الجمعية، أصبح أطفال المدارس في الأقصر يشاركون في أنشطة فنية لتعليمهم أهمية النظافة وحماية البيئة. هذا الوعي الذي ينمو في الجيل الجديد هو الاستثمار الحقيقي الذي يضمن استدامة هذا المشروع، ويحول الأقصر من مدينة عانت من مشكلة بيئية إلى نموذج يحتذى به في التنمية المجتمعية.
اقرأ أيضاًإحتفالات المرماح الصعيدى موروثات للفروسية الأسوانية تعرف عليها
برلماني: نحن أمام مرحلة جديدة من الاهتمام بتربية الخيول العربية الأصيلة
0 تعليق