نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فاكهة الفقراء.. رحلة التين الشوكي من شوارع القاهرة إلى مختبرات العالم - بلس 48, اليوم الأربعاء 6 أغسطس 2025 07:40 مساءً
عند الساعة الخامسة مساءً، تتحول أرصفة القاهرة إلى مسرح يومي، يقف بائعو التين الشوكي خلف عرباتهم الخشبية، وهم يمسكون بسكين وينادون: "يا حلاوة التين الشوكي! يا مجمع الفيتامينات" يقشرون الثمار الشائكة بخفة، في حين يقبل عليهم المواطنون لشراء تلك الفاكهة المفضلة لديهم، أما ثمنها البسيط فجعلها تحصل على لقب "فاكهة الفقراء".
رحلة تاريخية عبر المحيطات
ومن القاهرة إلى قلب العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي، يقف تمثال نسر عملاق يلتهم ثعباناً فوق صبار تين شوكي – إعادة إحياء لرؤية أسطورية رواها شعب الأزتيك قبل 600 عام. تقول "عندما وصل الإسبان عام 1519، وجدوا مدينة "تينوختيتلان" العائمة – والتي تعني حرفياً "مكان الصبار المقدس" – وكان التين الشوكي عماداً في غذائهم وطبهم وحتى طقوسهم".
وفي عام 1495، حمل بحارة كولومبوس أولى الشتلات من هايتي إلى إسبانيا، ومن هناك انطلقت النبتة الصبارية، بينما سر انتشارها يعود لقدرتها الفائقة على التحمل"، حيث يؤكد الخبراء أن "ألواح الصبار يمكنها البقاء حيةً لشهور دون ماء أو تربة، وحينما تلامس الأرض الجافة في أي بقعة من حوض المتوسط، تمد جذورها كأنها في موطنها الأصلي"، أما في المغرب، في المغرب، حيث يلقب بـ"الهندي"، تحولت سياجات الصبار إلى حصون طبيعية تحمي البساتين من الرياح واللصوص، بينما في تونس صار رمزاً للصمود في وجه الجفاف.
معجزة غذائية
داخل مختبرات منظمة الفاو في روما، كشفت الأبحاث عام 2020 عن مفاجأة مذهلة: ثمرة التين الشوكي المتواضعة تحتوي على تركيز مضادات أكسدة يفوق التفاح بمرتين ونصف والموز بثلاث مرات، ويرجع هذا التفوق إلى تحالف ثلاثي فريد: صبغة البيتالين الحمراء النادرة التي تحارب الجذور الحرة المسببة للسرطان، والفلافونويد الذي يحسن مرونة الأوعية الدموية، وألياف البكتين الهلامية التي تمتص الدهون والسكريات كالإسفنج قبل أن تصل للدم، وهي التركيبة التي جعلت التين الشوكي "دواء وظيفياً" لمرضى السكري النوع الثاني: "الألياف اللزجة تبطئ امتصاص السكر، بينما تحسن المركبات النباتية استجابة الخلايا للإنسولين خلال ساعتين فقط من تناوله".
فوائده للجهاز الهضمي
الأثر الأعمق لهذه الفاكهة يتجلى في الأمعاء، حيث تعمل أليافها الفريدة كحديقة غناء للبكتيريا النافعة، حيث يشرح الخبراء كيف تحفز هذه العملية إنتاج 80% من هرمون السيروتونين "هرمون السعادة" في الأمعاء، والغريب أن هذه الخاصية عرفها الطب الشعبي منذ قرون، حيث كانت جدات الصعيد المصري يقدمن التين الشوكي لأطفالهن المصابين بالإسهال أو الإمساك كعلاج طبيعي.
من المطبخ إلى الصيدلة
في قرية نائية بالمكسيك، يشوي المزارع راؤول ألواح الصبار على الفحم ثم يرشها بجبن الماعز، ليتحول طبق "نوباليتوس" إلى وجبة رئيسية، بينما في مصنع صغير بمراكش، يستخرج العمال الهلام الشفاف من قلب الألواح ليدخل في صناعة كريمات ترطيب تباع بأسعار باهظة في أوروبا.
أما في صحراء الوادي الجديد ، يستخدم المزارعون الألواح كعلف للمواشي خلال مواسم الجفاف، ولكن النبتة التي كانت طعام الفقراء صارت اليوم تدخل في صناعة أدوية خفض الكوليسترول بفضل مادة "الستيرول" في بذورها، ومساحيق المكملات الغذائية في أمريكا تباع بسعر 50 دولار للعبوة".
متاجر "السوبرفوود" في لندن تبيع كيلو التين الشوكي المجفف بمبلغ 60 جنيهاً إسترلينياً، أما الخبر السار فهو أن مصر رابع منتج عالمي للتين الشوكي، لكننا نصدّر 80% من الإنتاج خاماً لإيطاليا التي تستخرجه مساحيق طبية تباع لنا لاحقاً بأسعار خيالية".
تحذيرات الخبراء
يحذر الخبراء من أن الإفراط في تناول التين الشوكي يسبب انسداداً معوياً بسبب تراكم البذور الصغيرة، خاصة لمن يعانون التهابات القولون"، ومرضى ضغط الدم المنخفض أيضاً عليهم الحذر؛ فجرعة البوتاسيوم العالية (حوالي 220 ملغ لكل 100 جم) قد تخفض الضغط أكثر من اللازم. النصيحة الذهبية هي تناول ثمرتين يومياً بحد أقصى، مع اختيار الثمار المتماسكة ذات اللون الموحد، وتجنب التي تظهر عليها بقع غامقة أو رائحة حامضة.
0 تعليق