في صيفٍ قررت فيه الدولة أن تُبقي الأنوار مشتعلة والمصانع نابضة بالحياة، ظهرت فاتورة ثقيلة على طاولة الاقتصاد، تكشف حجم التحديات والرهانات في مشهد الطاقة المصري، ولم يكن الحفاظ على الكهرباء خيارًا سهلاً، بل جاء بتكلفة باهظة كشفتها أرقام استيراد الغاز.

20 مليار دولار تكشف فواتير الطاقة في صيف بلا ظلام

وسط حر الصيف وتزايد الطلب على الطاقة، كشف مصدر مطلع بوزارة البترول أن مصر تتجه نحو تسجيل قفزة ضخمة في فاتورة استيراد الغاز الطبيعي خلال عام 2025، لتصل إلى حوالي 20 مليار دولار، مقارنة بـ12.5 مليار دولار فقط في العام السابق، وهذه الزيادة اللافتة ترتبط، بحسب المصدر، بثلاثة محاور رئيسية تعكس توجهات الدولة وسياستها في ملف الطاقة.

أول هذه الأسباب، التزام الحكومة بتوفير الكهرباء دون انقطاعات خلال شهور الصيف، وهو قرار استراتيجي تطلب تعزيز إمدادات الغاز لتلبية الزيادة الكبيرة في استهلاك محطات التوليد، وثانيًا، شهدت الفترة الأخيرة انتعاشًا ملحوظًا في النشاط الصناعي مع عودة المصانع إلى العمل بطاقتها الكاملة، ما أدى إلى ضغط إضافي على موارد الغاز المحلية.

أما العامل الثالث فيتعلق بالطموح المصري لتصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، وهو ما يتطلب ضخ كميات أكبر من الغاز المسال للتصدير، ما يستوجب بدوره زيادة في واردات الغاز الخام لتغطية الفجوة المتسعة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك.

وأشار المصدر إلى أن مصر فعّلت ثلاث وحدات لتغييز الغاز بعد أن كانت تعتمد على وحدة واحدة فقط سابقًا، ما ساهم في تعزيز تدفق الغاز إلى المحطات والمصانع، وساعد في تحسين استقرار الشبكة الكهربائية. 

كما تعتمد الدولة على استراتيجيتين في الشراء، إما عبر السوق الفوري من خلال شحنات غاز مسال، أو من خلال عقود طويلة الأجل توفر أسعارًا أقل.

زيادة في واردات الغاز الخام لتغطية الفجوة المتسعة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك

ورغم مساعي مصر المتواصلة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، يؤكد المصدر أن الاستيراد سيظل قائمًا لأسباب اقتصادية واستراتيجية، مشددًا على أن هذه الفاتورة هي جزء من خطة أكبر لتحويل مصر إلى لاعب محوري في سوق الطاقة العالمي.