في تطور لافت يعكس حدة الأزمة السياسية والإنسانية المحيطة بالحرب المستمرة في قطاع غزة، دعا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى اجتماع طارئ لمجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء، رغم عطلة الصيف البرلمانية، لمناقشة خطة سلام دولية وإمكانية تعزيز إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر. 
يأتي ذلك في ظل تصاعد الضغوط من داخل حزب العمال لدفع بريطانيا نحو الاعتراف الرسمي بدولة فلسطينية، تماشياً مع مطالب دولية متزايدة.

اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء في عطلة الصيف

في خطوة غير معتادة، استدعى كير ستارمر حكومته للاجتماع وسط العطلة الصيفية، لمناقشة الوضع الإنساني المتدهور في غزة وآليات دعم خطة سلام جديدة بالتعاون مع فرنسا وألمانيا. 
ويأتي هذا التحرك عقب مكالمة هاتفية ثلاثية جمعت قادة الدول الثلاث، ناقشوا خلالها جهود التهدئة وحل الدولتين.

وبحسب المتحدث باسم رئيس الوزراء، فإن الاجتماع سيبحث أيضاً سبل زيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، بالتنسيق مع دول الشرق الأوسط وحلفاء دوليين آخرين.

ستارمر تحت ضغط حزبي متصاعد للاعتراف بفلسطين

مع تزايد أعداد القتلى المدنيين في غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية، يواجه ستارمر ضغوطاً من نواب حزب العمال للاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، كخطوة سياسية تهدف إلى الضغط على إسرائيل وإحياء مسار حل الدولتين.

وكانت الحكومات البريطانية السابقة قد التزمت بالاعتراف بفلسطين عندما يحين الوقت المناسب، دون تقديم جدول زمني أو معايير محددة. 
إلا أن التحولات الإقليمية والدولية، خاصة بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن استعداد بلاده للاعتراف بفلسطين، أعادت الملف إلى الواجهة بقوة.

أكثر من 200 نائب يطالبون باعتراف فوري

في رسالة تم توقيعها يوم الجمعة الماضي، طالب أكثر من 200 عضو في البرلمان البريطاني من تسعة أحزاب مختلفة الحكومة بالتحرك فوراً نحو الاعتراف بدولة فلسطينية.
ويرى الموقعون أن هذا الاعتراف لم يعد مجرد موقف رمزي، بل ضرورة أخلاقية وسياسية لإنقاذ عملية السلام، ومنع تصعيد دائم للصراع في الشرق الأوسط.

الخارجية البريطانية تدعم حل الدولتين في نيويورك

بالتزامن مع اجتماع الحكومة، يشارك وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في مؤتمر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث سيؤكد دعم بريطانيا لحل الدولتين كسبيل وحيد لتحقيق سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين.

ورغم أن ستارمر لم يعلن حتى الآن عن أي نية فورية للاعتراف بفلسطين، إلا أنه أكد أن حكومته تركز على حلول عملية وجهود دبلوماسية نشطة بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين والعرب.

ملف غزة يختبر مصداقية السياسة الخارجية البريطانية

تُعد أزمة غزة اختباراً حقيقياً لسياسة كير ستارمر الخارجية، خصوصاً مع ازدياد الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب الوضع الإنساني الكارثي في القطاع، الذي يعاني من تجويع ونقص حاد في الإمدادات الطبية والغذائية بعد نحو 22 شهراً من الحرب.

ويبدو أن ستارمر يسير على حبل مشدود، محاولاً التوازن بين الالتزامات الأخلاقية، والضغوط السياسية الداخلية، والحسابات الدبلوماسية الدقيقة في إدارة ملف هو من أكثر القضايا تعقيداً في العالم.