طوّر باحثون في سويسرا مادة جديدة لامتصاص ضوضاء الشوارع، تُعد أرق بأربع مرات من المواد التقليدية المستخدمة في البناء، ما يمنح المعماريين مرونة غير مسبوقة في تصميم المساحات الحضرية. هذه المادة، التي لا تحمل اسمًا رسميًا حتى الآن، تم تطويرها في مختبر الصوتيات وتقليل الضوضاء بمعهد EMPA، وتتميّز بقدرتها على امتصاص الترددات الصوتية المختلفة بفضل بنيتها المسامية الفريدة.

وتعتمد المادة على جبس معدني أو رغوة أسمنتية ذات مسام بأحجام متعددة، مغلفة في طبقات رقيقة، ما يسمح بتعديل سلوكها الصوتي وفق مصدر الضوضاء ونوع المكان. ووفقًا للباحث بارت فان دام، فإن هذه البنية تُجبر الهواء على المرور بمسارات أطول، ما يمنحها فعالية عالية رغم رقتها الظاهرة، ويجعلها تبدو كما لو كانت عازلًا سميكًا للصوت.

اختُبرت المادة ميدانيًا في ممر سيارات بمدينة زيورخ، حيث ساهمت الألواح التي لا يتجاوز سمكها 5.5 سم في تقليل ضجيج المرور بمقدار 4 ديسيبل، خاصة في مواجهة صوت السيارات القريبة. ويأمل الباحثون أن يُحدث هذا الابتكار ثورة في عزل الصوت داخل المكاتب، والفصول، والقاعات، وحتى في المساحات الخارجية.

رغم هذه المزايا، ما تزال المادة تعاني من بعض القيود، فهي أقل كفاءة في كتم الترددات العالية مقارنة بالصوف الصخري، كما أن عملية الثقب فيها تُنجز يدويًا، ما يتطلب مجهودًا كبيرًا. لذلك، يعمل فريق EMPA حاليًا على تبسيط الإنتاج بالتعاون مع شركة سويسرية متخصصة، في خطوة قد تقرّبنا من مدن أكثر هدوءًا وراحة في المستقبل القريب.