يشهد  العالم ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، مصحوباً بانقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، ما يهدد الأجهزة المنزلية بالتلف، إضافة إلى إمكانية حدوث حرائق.
و تؤكد الدراسات أن درجات الحرارة فوق 40°C تزيد إجهاد المحركات الكهربائية بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بظروف التشغيل العادية، حيث تعمل الثلاجات والمكيفات بأقصى طاقتها، مما يرفع حرارة مكوناتها الداخلية إلى مستويات خطيرة. وعند انقطاع التيار المفاجئ، تتعرض الدوائر الإلكترونية الحساسة لصدمات كهربائية عند عودة التيار، حيث يرتفع الجهد فجأة إلى 240 فولت أو أكثر، وهو ما يتجاوز تحمل معظم الأجهزة المنزلية . 

يوضح الدكتور محمد جمال، أستاذ هندسة القوى الميكانيكية بجامعة حلوان، أن "الانقطاع المفاجئ للكهرباء يعقبه عادةً عودة للتيار مصحوبة بصدمات كهربائية تصل إلى 240 فولت، وهي قيمة تتجاوز قدرة تحمل معظم الدوائر الإلكترونية الحساسة".  
ووفقاً لتقارير مركز أبحاث السلامة الكهربائية، فإن الصدمات الكهربائية المفاجئة تحدث عند عودة التيار ما يؤدي إلى تدمير لوحات التحكم في الأجهزة الذكية، تليها سخونة المحركات الناتجة عن الاحتكاك المزدوج في الأجواء الحارة، والتي تؤدي إلى انصهار العوازل النحاسية. 
كما يسهم تراكم الغبار في فتحات التهوية في خفض كفاءة تبديد الحرارة بنسبة 30%، ما يسرع تعطل الأجهزة. وقد سجلت إدارة الدفاع المدني ارتفاعاً بنسبة 35% في حرائق المنازل خلال الصيف الماضي، معظمها ناتج عن سخونة الأسلاك أو التحميل الزائد على المقابس. 

إجراءات متكاملة للوقاية

لمواجهة هذه المخاطر، يوصي الخبراء بإجراءات وقائية متكاملة تبدأ قبل انقطاع التيار، فيما ينصح مهندسو الكهرباء بتركيب أجهزة حماية أوتوماتيكية تستشعر ارتفاع الجهد فوق 240 فولت أو انخفاضه تحت 90 فولت، حيث تفصل التيار خلال أجزاء من الثانية لإنقاذ الأجهزة الحساسة. 
وتؤكد الدكتورة صابرين الهلالي، الخبيرة في أنظمة الطاقة، أن "منظمات الجهد (الاستبليزر) تمتص الصدمات الكهربائية الناتجة عن التقلبات المفاجئة، خاصة للأجهزة الإلكترونية كالحواسيب والتلفزيونات". كما أن الصيانة الدورية قبل فصل الصيف، مثل تنظيف ملفات المكثفات في الثلاجات، تخفض استهلاك الطاقة 15% وتطيل عمر الجهاز لسنوات إضافية وفقاً لتقارير شركات الصيانة المعتمدة. 

حاول الطوارئ

يشدد الدكتور باسم الهادي السعيد الناغي، وكيل كلية الهندسة بجامعة قناة السويس، على ضرورة "فصل فيشة الأجهزة فوراً عند انقطاع التيار لحمايتها من التلف عند العودة المفاجئة"، وبالنسبة للثلاجات، يحافظ إغلاق الأبواب بإحكام وإضافة أكياس ثلج إضافية على برودة الداخل لمدة تصل إلى 48 ساعة في الموديلات الحديثة، بينما توفر أجهزة "الباور بانك" بديلاً مؤقتاً لتشغيل الراوترات وأجهزة الاتصال خلال فترات الانقطاع الطويلة. 

احتياطات دقيقة

بعد عودة التيار، تتطلب المرحلة احتياطات دقيقة. يوصي مهندسو شركة الكهرباء الوطنية بالانتظار 5-10 دقائق بعد استقرار الكهرباء قبل تشغيل الأجهزة، مع البدء بالأقل استهلاكاً كالمراوح ثم التدرج نحو الأجهزة الثقيلة كالمكيفات والسخانات. كما ينصحون باستخدام أجهزة قياس بسيطة للتأكد من ثبات الجهد حول 220 فولت قبل تشغيل الأجهزة الحساسة. 

وعلى صعيد الحلول التقنية المتقدمة، تظهر أجهزة الحماية الذكية مثل "Switch Guard" التي لا تقتصر على فصل التيار عند التذبذب بل تؤخر إعادة التشغيل حتى استقرار الشبكة تماماً، وفقاً لشركات التبريد والتكييف. كما توفر أنظمة الحماية من التيار المفاجئ (SPDs) حلاً متقدماً لتفريغ الزيادات الحادة، حيث تتميز أجهزة مثل "Phoenix Contact VAL-MS" بقدرة على تفريغ تيارات تصل إلى 40 كيلو أمبير. رغم التكلفة المرتفعة، يبرز التحول للطاقة الشمسية عبر أنظمة صغيرة كحل مستدام لتشغيل الأجهزة الحيوية أثناء الانقطاعات الممتدة. 

نصائح فنية

في الجانب الوقائي اليومي، يحذر طلعت سيد، فني الأجهزة الكهربائية، من أن "انسداد فتحات التهوية يرفع حرارة الأجهزة بنسبة حرجة"، مشدداً على ضرورة ترك 15 سم خلف الأجهزة للتهوية الكافية. كما يذكر الدكتور حافظ سلماوي، رئيس جهاز تنظيم الكهرباء الأسبق، أن "الفيشة المتروكة في القابس 24 ساعة تستهلك تياراً خفيفاً وتظل معرضة للصدمات المفاجئة". وتشدد إرشادات السلامة الوطنية على تجنب التحميل الزائد للمقابس بعدم تشغيل أكثر من جهاز عالي الاستهلاك في نفس القابس، مع تفقد الأسلاك بانتظام لاكتشاف أي تآكل في العوازل. 

و تشير تقارير الصيانة إلى أن الحماية الوقائية تقلل أعطال الأجهزة بنسبة 70%، حيث "تحولت حماية الأجهزة من ممارسة اختيارية إلى عنصر أساسي في ثقافة السلامة المنزلية، خاصة مع توقع استمرار موجات الحر وانقطاعات الكهرباء لعقد مقبل"، إضافة إلى الالتزام بالتوصيات الفنية والاستثمار في الأجهزة الموفرة للطاقة (A+++) يشكلان درعاً مزدوجاً للحفاظ على الممتلكات والأرواح في هذا العصر المناخي المتقلب.