نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ياسر حمدي يكتب: المشاركة في الإنتخابات واجب وطني.. وحق دستوري - بلس 48, اليوم الاثنين 28 يوليو 2025 12:30 مساءً
لم أتخلف قَط عن الإدلاء بصوتي في أي إنتخابات، ولا أؤيد الأصوات التي تدعوا للمقاطعة في أي وقت أو تقلل من أهمية أي استحقاق دستوري، «إنزل شارك لا تقاطع»، فالإرادة الشعبية تكتمل من خلال نظم ديمقراطية تقوم على حرية مسؤولة عبر صناديق إنتخابات لا تشوبها شائبة تتيح لمن له حق التصويت أن يدلي برأيه دون توجيه، أو ممارسة ضغوط، أو تزييف.
وأيام قليلة جدًا تفصلنا عن إنتخابات مجلس الشيوخ حيث يجرى التصويت بالخارج يومي 1، 2 أغسطس وما هي إلا ثلاثة أيام أخرى ويجرى التصويت بالداخل يومي 4، 5 أغسطس، والمشاركة في الإنتخابات ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة ملحّة وواجب وطني مقدس يقع على عاتق كل مواطن غيور على مصلحة بلاده ومستقبل أجيالها القادمة.
معتقداتي - التي لن تتغير أبدًا - أن المشاركة في الإنتخابات أو الاستفتاءات ليست حقًا دستوريًا فقط يجب أن نحرص عليه بل هي واجب وطني علينا ألا نتخلى عنه أبدًا مهما كان موقفنا من الإنتخابات والمشاركين فيها.. حرصي دائمًا على أن أقول رأيي وأن يصل صوتي كان يسبق أي إعتبار آخر.. كنت ومازلت أختار من بين المرشحين في أي استحقاق حسبما أرى طبقًا لكفاءته وتاريخه السياسي وقدرته على تمثيل الدائرة والسعي لحل مشاكلها والتحدث باسم ابنائها.
وإذا كان مرشح الأغلبية تتوافر فيه هذه الصفات فلماذا احرمه من شرف تمثيل الدائرة لمجرد أنه مرشح الأغلبية أو الحكومة؟ المعيار عندي دائمًا كان ومازال الكفاءة والقدرة على خدمة أبناء الدائرة سواء كان ذلك على مستوى مجلس الشيوخ أو البرلمان الذي ادعي أني كنت متابعًا لكل كبيرة وصغيرة في مطبخه السياسي بما أتاح لي القدرة على الفرز الجيد بين المرشحين لتقدير كفاءتهم بدقة وحسن الإختيار بينهم.
لهذا أستنكر وبشدة هذه الأصوات التي لا ترى أهمية للمشاركة في الإنتخابات القائمة بدعوى أنها محسومة!! بل وتدعو لمقاطعتها، فهذه دعوة محبطة لا تسهم أبدًا في بناء الحياة الديمقراطية السليمة التي نسعى إليها في الجمهورية الجديدة.
الامتناع عن التصويت أو ما يسمى بـ«المقاطعة» هو بمثابة التنازل عن حق أساسي ومسئولية عظمى، فعندما نتخاذل عن المشاركة فإننا نفقد أنفسنا صوتنا في تحديد مسار بلادنا، ونترك القرار لمن قد لا يمثل تطلعاتنا وأحلامنا وأمالنا أو مصالحنا الحقيقية؛ لأن كل صوت له قيمته، وكل مشاركة تسهم في تعزيز شرعية العملية الإنتخابية، وقوة المؤسسات تأتي من الديمقراطية.
لا ننظر إلى الإنتخابات بأنها فرض كفاية إذا ما قام بها جزء من الشعب سقط عن الباقيين؛ لأنها حق دستوري للجميع ترقى لكونها مهمة قومية؛ ومن ثم يجب ألا يستثنى منها أحد، أو يتقاعس عن واجبها أحد؛ فلا ندع الفرصة لمن يروجون للشائعات المغرضة أن يكرسوا السلبية في النفوس، من خلال العمل الممنهج حول إضعاف الثقة في مؤسساتنا الوطنية، وهنا نؤكد أن قوتنا في تضافرنا من أجل أن نمضي في طريق النهضة والتنمية مرورًا بحالة من الاستقرار المجتمعي والسياسي على السواء.
ولا أؤيد أيضًا الأصوات التي تقلل من أهمية مجلس الشيوخ، فقد عاصرت مجلس الشورى، وعندما ألغي مع التعديل الدستوري في عهد الإخوان عام ٢٠١٢ تألمت جدًا لأنني لمست بنفسي كم كان هذا المجلس عظيمًا.. كبيرًا بالقامات التي ضمها والمناقشات التي دارت تحت قبته حول قضايا ومشاكل حيوية ورئيسية في المجتمع، وكيف خرجت من لجانه تقارير دسمة متكاملة أعدت بعناية وبحرفية متضمنة تشخيصًا موضوعيًا للمشاكل والقضايا التي تناولتها وحلولًا عملية قابلة للتنفيذ.
ومجلس الشيوخ هو امتداد طبيعي لمجلس الشورى.. تعديل مسمى فقط يعود بنا إلى الأصل في النظام البرلماني ذي الغرفتين «مجلسي النواب والشيوخ»، وقد أثبتت التجربة في الفصل التشريعي المنتهي أن مجلس الشيوخ قد أدى واجبه على أكمل وجه في مناقشة التشريعات ومراجعة صياغتها وأثرى الحياة النيابية بما يملك أعضاؤه من خبرات سياسية وقانونية وعلمية، كما أثبت حضورًا رقابيًا وتشريعيًا فاعلًا أسهم في دعم منظومة القوانين وتقييم السياسات العامة.
مجلس الشيوخ، بصفته الغرفة الثانية للبرلمان، يلعب دورًا محوريًا في العملية التشريعية، حيث يضطلع بمهام أساسية في مراجعة القوانين واقتراح التعديلات، والمساهمة في صياغة السياسات العامة للدولة، وتمثيل مختلف شرائح المجتمع وخبراته؛ إنه صمام أمان للتشريع، ومظلة لحماية الدستور، ومنبر للحوار الوطني البناء حول القضايا المصيرية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
الشعوب المتقدمة تدافع عن مؤسساتها الوطنية وتقويها بالطرق الشرعية من خلال المشاركة الفعالة والإيجابية في العملية الإنتخابية، تلك الممارسة الديمقراطية الحميدة التي تؤصل الحريات والمسؤولية وتخلع نظم الوكالة وكل ممارسة الانحراف المؤسسي التي تبقى على من يحولونها عن مسارها القويم ويحققون منها مصالح خاصة تضير بمصالح الشعب دون مواربة، فلماذا لا نفعل نحن كما تفعل هذه الشعوب المتقدمة؟!
إن المشاركة الإيجابية في أي إنتخابات واستحقاقات دستورية هي ممارسة لديمقراطية حقيقية، نظهر من خلالها قدرتنا على الإختيار، وتمسكنا بقيم الحرية والعدالة والمساواة؛ فهل يليق بنا أن نتخلى عن هذا الواجب الوطني في لحظة فارقة كهذه؟ وهل نقبل أن نترك مصيرنا للمصادفة، أو للقلة القليلة التي قد لا تحمل همومنا أو تستشعر آلامنا؟ قولًا واحدًا لا.
0 تعليق