نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عيادة متخصصة لعلاج "كراهية الذهاب إلى العمل".. بادر بالحجز - بلس 48, اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025 11:33 مساءً
أطلقت مستشفى تشينهوانجداو للطب التكاملي (مقاطعة خبي، شمال الصين) عيادة متخصصة تحمل اسم "عيادة كراهية الذهاب إلى العمل"، كمبادرة هي الأولى من نوعها في البلاد لمعالجة الظواهر المتصاعدة للإرهاق الوظيفي، فقدان المعنى في العمل، والاضطرابات النفسية المرتبطة بضغوط بيئات العمل الحديثة.
جاءت الفكرة بناءً على طلب من أولياء أمور كانوا يزورون عيادة سابقة أنشأها المستشفى تحت اسم "عيادة كراهية الذهاب إلى المدرسة" لعلاج الأطفال الذين يعانون من الضغوط الدراسية، وخلال تلك الزيارات، تساءل العديد من الآباء: "هل توجد خدمة مماثلة للبالغين الذين لا يرغبون في الذهاب إلى عملهم؟" ما دفع القائمين على المستشفى لتوسيع نطاق خدمتهم النفسية لاستيعاب هذه الفئة .
عيادة للبالغين لتلبية حاجات ملحة
تستهدف العيادة البالغين الذين يعانون من أعراض متعددة تشمل التعب المزمن، التقلبات العاطفية الحادة، انعدام الحافز، والشعور بانعدام القيمة أو الغرض من وظائفهم.
وتجنباً للوصمة الاجتماعية المرتبطة بمصطلحات مثل "الاكتئاب" أو "القلق"، اختار القائمون على العيادة تسمية غير تقليدية لكنها تعكس بوضوح المشكلة التي يعالجونها. وفقاً لـ"يوي ليمين"، مديرة قسم النوم وعلم النفس في المستشفى، فإن هذه التسمية تخفف الحاجز النفسي للمرضى وتشجعهم على طلب المساعدة دون خوف من الأحكام المسبقة.
ورغم أن العدد الفعلي للمراجعين لا يزال محدوداً، فإن الضجة الإعلامية التي ولّدتها المبادرة تؤشر على الحاجة المجتمعية الملحة لمثل هذه الخدمات .
مقابلات سرية وتحليل الحالة العاطفية
تعتمد منهجية التشخيص في العيادة على تقييم متكامل يبدأ باستبعاد الأسباب العضوية المحتملة للأعراض، مثل فحص اضطرابات الغدة الدرقية (فرط النشاط)، يليه تحليل نفسي معمق يشمل مقابلات سريرية وتقييم الحالة العاطفية الشاملة. يتم بعد ذلك وضع خطة علاجية فردية تجمع بين الطب الغربي الحديث والتقنيات الصينية التقليدية. تشمل هذه الخطط عادةً العلاج المعرفي السلوكي، التدخلات النفسية، العلاج بالنباتات الطبية، وضبط أنماط النوم. يولي الفريق الطبي اهتماماً خاصاً للعوامل الاجتماعية والنفسية الكامنة وراء الأعراض، مثل الضغوط المالية، الصراعات في مكان العمل، أو اختلال التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية .
موجة من السخرية على مواقع التواصل
على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، أثارت العيادة موجة من التعليقات بين الساخر والداعم. علق أحد المستخدمين: "من العبث أن تجد طبيباً في العيادة لأنهم هم أنفسهم لا يريدون العمل!"، بينما رأى آخرون أنها "خطوة عبقرية" لمواجهة تحديات الصحة العقلية في بيئات العمل عالية الضغط. هذه التفاعلات تعكس تناقضاً ثقافياً في التعامل مع الإرهاق الوظيفي: من ناحية، الاعتراف المتزايد به كظاهرة مرضية، ومن ناحية أخرى، الاستهانة به في بعض الأوساط .
تخفيف الضغوط برياضة اليوجا
من الناحية الطبية النفسية، ثمة تداخل كبير بين أعراض "كراهية العمل" ومتلازمة الإرهاق (Burnout) والاكتئاب السريري. وفقاً للبروفيسور ريتشارد جوندرمان، فإن متلازمة الإرهاق تنشأ من تراكم "مئات خيبات الأمل الصغيرة اليومية" في العمل، مما يؤدي إلى استجابات فسيولوجية مثل إفراز الكورتيزول والأدرينالين بكميات مضرة.
وتؤثر هذه الهرمونات سلباً على الدماغ، لا سيما اللوزة الدماغية المسؤولة عن التنظيم العاطفي، مما قد يسبب تقلبات مزاجية حادة وأعراضاً تشبه الاكتئاب، ومع ذلك، يختلف العلاج بين الحالتين: فبينما يُعالج الاكتئاب عادةً بمضادات الاكتئاب، يُركز علاج الإرهاق على تقليل الضغوط عبر أنشطة مثل اليوجا، التأمل، وإعادة تنظيم بيئة العمل .
العلاقة بين عدم الرغبة في العمل والاكتئاب السريري
ويربط أطباء نفسيون مثل الدكتورة صفاء حمودة (أستاذة الطب النفسي بجامعة الأزهر) بين عدم الرغبة في العمل والاكتئاب السريري. تشير إلى أن استمرار هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين، مصحوباً بفقدان الشغف، اضطرابات النوم، أو إهمال النظافة الشخصية، قد يكون مؤشراً على حالة اكتئاب تحتاج لتدخل طبي، مؤكدة أن تجارب المرضى تعكس هذا التعقيد، كما في حالة شاب ذكر في استشارة على معاناته من النفور من العمل، الحزن، الشراهة في الأكل، وضعف الرغبة الجنسية رغم تناوله أدوية مثل الباروكستين دون تحسن .
ظاهرة مهنية
رغم حداثة نموذج "عيادة كراهية العمل"، فإنه يقدم رؤية أعمق لأزمة الصحة العقلية المرتبطة بالعمل في المجتمعات الصناعية. تقترح منظمة الصحة العالمية الآن تصنيف الإرهاق الوظيفي كـ"ظاهرة مهنية" وليس مرضاَ، لكنها تؤكد خطورته كعامل خطر للإصابة بالاكتئاب أو الأمراض الجسدية مثل السكري وأمراض القلب إذا تُرك من دون علاج. الحلول تتطلب تداخلاً متعدد المستويات: فردياً (تمارين الاسترخاء، الرياضة)، مؤسسياً (تحسين بيئات العمل)، ومجتمعياً (تطوير خدمات الصحة النفسية). في هذا الإطار، تمثل العيادة الصينية نموذجاً عملياً لإزالة الوصمة وتقديم الدعم قبل تفاقم الأعراض .
0 تعليق