نصوص تشريعية تمر في غياب النواب والوزراء.. أين اختفى مبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة"؟ - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نصوص تشريعية تمر في غياب النواب والوزراء.. أين اختفى مبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة"؟ - بلس 48, اليوم الأربعاء 23 يوليو 2025 05:44 مساءً

في مشهد يختزل الأزمة العميقة التي يعيشها العمل البرلماني بالمغرب، تواصلت جلسات التصويت على قوانين مفصلية داخل قبة البرلمان وسط غياب شبه تام لنواب الأمة، وتخلف ملحوظ لعدد من الوزراء، في سلوك يُجسد ـ وفق مراقبين ـ تراجع الالتزام الدستوري وغياب الجدية في التعاطي مع قضايا المواطنين الكبرى.

فخلال الجلسة العمومية التي عقدت أمس الثلاثاء، والتي خصصت للدراسة والتصويت على مشاريع قوانين وصفت بـ"الاستراتيجية"، غاب أكثر من 300 نائب من أصل 395، في سابقة تنذر بخطورة الوضع داخل المؤسسة التشريعية، لاسيما أن النصوص المعروضة همّت قوانين من العيار الثقيل، بينها مشروع قانون المسطرة الجنائية، والتراجمة المحلفين، والمجلس الوطني للصحافة.

ورغم الأهمية القصوى لهذه النصوص التي تمس بشكل مباشر العدالة وحقوق المتقاضين وتنظيم قطاع الإعلام، إلا أن البرلمان صادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية بحضور 62 نائبا فقط، صوت 47 منهم لصالحه مقابل 15 معارضا، في وقت كان يُنتظر فيه نقاش موسع يليق بحجم القانون وأثره على منظومة العدالة.

وما وقع مع المسطرة الجنائية، تكرر أيضا في جلسة مناقشة مشروع قانون الإضراب، حيث لم يحضر سوى 104 نواب، أي أقل من ثلث أعضاء المجلس، رغم أن الأمر يتعلق بحق دستوري أثار على مر السنوات توترا اجتماعيا واسعا، وتم تمرير القانون بأغلبية 84 صوتا فقط.

أما الجلسة السنوية لمناقشة مشروع قانون المالية، والتي تُعتبر لحظة دستورية فارقة، فقد شهدت بدورها نسبة غياب بلغت حوالي 52% من النواب، في مؤشر يطرح أكثر من سؤال حول مصداقية النقاشات المتعلقة بتوزيع الموارد وتحديد الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

ولم يقتصر الغياب على البرلمانيين، بل امتد ليشمل أعضاء الحكومة، حيث سُجل تخلف عدد منهم عن حضور جلسة الأسئلة الشفهية ليوم الإثنين، ما اضطر رئاسة المجلس إلى رفع الجلسة طبقا للدستور والنظام الداخلي، في مشهد مثير للقلق حول جدية الحكومة في التفاعل مع انتظارات المواطنين وأسئلتهم الحارقة.

وتجدر الإشارة إلى أن مكتب مجلس النواب كان قد وجه، مطلع شهر يوليوز الجاري، مراسلة إلى الحكومة يطالب فيها بضرورة احترام الجلسات البرلمانية وحث الوزراء على الحضور، غير أن الأمر لم يلق التجاوب المطلوب، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى الالتزام بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي ينص عليه دستور المملكة.

وتخلف هذه الظواهر المتكررة أثرا سلبيا على صورة البرلمان لدى الرأي العام، وتزيد من حدة أزمة الثقة بين المواطنين وممثليهم، خاصة في ظل ما يعتبره الكثيرون "تفريغا" للمؤسسة التشريعية من محتواها، وتحويلها إلى فضاء شكلي تمر عبره قرارات كبرى دون نقاش، في وقت تتراكم فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تتطلب حضورا سياسيا قويا وفعّالا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق