أحداث السويداء.. هل زادت من تعنّت حزب الله بشأن تسليم سلاحه؟ - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أحداث السويداء.. هل زادت من تعنّت حزب الله بشأن تسليم سلاحه؟ - بلس 48, اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 02:45 صباحاً

وفيما تسلّم المبعوث الأميركي توم باراك مذكرة لبنانية شاملة لحصر السلاح بيد الدولة، بدا أن حزب الله لا يزال يتمسك بسلاحه كـ"نقطة قوة" لا يمكن التخلي عنها بدون ضمانات مقابلة، خاصة في ظل التطورات المتلاحقة في الجنوب اللبناني، والتداعيات التي خلفتها المواجهات في محافظة السويداء السورية، والتي يرى فيها البعض دافعا إضافيا لمزيد من التصلب في موقف الحزب تجاه فكرة نزع سلاحه.

وبين خطاب السيادة والتهديدات الإسرائيلية، والاصطفافات الإقليمية والمطالب الدولية، يجد لبنان نفسه مرة أخرى أمام مفترق طرق حساس يتعلق بهوية الدولة وسلاحها الشرعي.

المذكرة اللبنانية وتوازن المصطلحات

في زيارته الثالثة إلى بيروت، تسلم باراك مذكرة رسمية من الرئيس اللبناني جوزيف عون تتعلق بتطبيق تعهدات لبنان بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل في نوفمبر الماضي.

وركزت المذكرة على مبدأ "حصر السلاح بيد الدولة" دون استخدام عبارة "تسليم السلاح"، ما يعكس محاولة لبنانية للمناورة بين الضغوط الدولية ومراعاة توازنات الداخل.

الدكتور علي أحمد، الباحث في الإعلام والاتصال السياسي، شدد خلال حديثه إلى "غرفة الأخبار" على "سكاي نيوز عربية" على أن حزب الله لا يرفض المبدأ، لكنه يربطه بضرورة وجود "استراتيجية دفاعية متكاملة" تحفظ للبنان قدرة الردع.

وبحسب أحمد، فإن أي طرح لتسليم السلاح دون تقديم ضمانات دولية واضحة لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية هو ضرب من العبث، خاصة أن التجربة مع الاتفاقات السابقة أظهرت، وفق تعبيره، أن الولايات المتحدة لم تستطع إلزام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها.

وتساءل أحمد عن جدوى أي اتفاق جديد بينما لم تستطع واشنطن ضمان تنفيذ الاتفاق السابق، فلبنان حسب رأيه، التزم بالمرحلة الأولى من الاتفاق، وانتشر الجيش اللبناني جنوب الليطاني، فيما انسحب حزب الله من تلك المنطقة.

وفي المقابل، لم تلتزم إسرائيل بتعهداتها، وهو ما جعل من العودة إلى اتفاق جديد، في ظل غياب الضامن الجديّ، خطوة محفوفة بالمخاطر.

وأضاف أحمد أن "دعوات تسليم السلاح تقفز فوق الوقائع الميدانية والسياسية، خاصة وأن الجيش اللبناني نفسه ليس مخولا بالاحتفاظ بأسلحة متقدمة تُسلم له، وفق ما تنص عليه الأوراق الرسمية".

وتابع قائلا: "حتى في حالات سابقة، كانت تُفجر أو تُعدم الأسلحة التي تصل للجيش بعد سحبها من الجنوب، ما يعزز نظرية أن (لا توازن في القوة) يسمح للبنان بامتلاك أدوات ردع حقيقية".

أحداث السويداء.. تحذير مضمر لحزب الله؟

وعن تقاطع تحليل الوضع اللبناني مع السياق السوري، يرى أحمد أن ما حدث في السويداء يجب أن يكون إنذارا لأي طرف يفكر بتسليم سلاحه تحت ضغط دولي أو داخلي دون وجود ضمانات.

فالتجربة السورية، بحسب تعبير أحمد، أظهرت كيف تم استهداف الجيش السوري بعد تفكك قدراته، خاصة من قبل إسرائيل.

لذا يعتبر حزب الله أن تسليم السلاح يعني عمليا "استسلاما"، وهو ما يرفضه الحزب بالمطلق، وفق أحمد.

وأشار أحمد إلى أن "المبعوث الأميركي توم باراك نفسه كان وسيطا في الملف السوري، ولم ينجح في تحقيق أي تقدم يذكر سواء مع النظام أو مع القوى المحلية، ولا حتى في ملف التفاوض بين سوريا وإسرائيل. هذا (العجز الأميركي) في الملف السوري، لا يبشّر بنموذج يمكن الوثوق به في لبنان".

حزب الله.. خطوط حمراء واستراتيجية صلبة

يعتقد أحمد، أن حزب الله مستعد لنقاش ملف السلاح في إطار استراتيجية دفاعية وطنية، لكنه لن يقبل بطرح يشبه ما يعتبره "انتحارا سياسيا وعسكريا".

وذكّر أحمد بتصريحات باراك السابقة التي اعتبر فيها أن السلاح الذي يشكل تهديدا لإسرائيل يجب نزعه أولا، وهو ما اعتبره الحزب دليلا إضافيا على أن المطلوب هو نزع "نقطة القوة" الأساسية التي تملكها المقاومة في لبنان.

وبحسب تقدير أحمد فإن حزب الله "رغم ما خسره في الحرب الأخيرة – وعلى رأسها قادة كبار وأمينه العام – لم يخسر الحرب نفسها. الخسارة الأمنية لا تعني هزيمة عسكرية، والدليل أن الجيش الإسرائيلي رغم حشده لخمسة فرق عسكرية لم يحقق أي اختراق ميداني يُذكر، ما يعني أن قدرة الردع ما زالت قائمة".

الحزب يستثمر في معادلة السلاح لا لحمايته بل للتفاوض

ورسم سيمون أبو فضل، رئيس تحرير موقع "الكلمة أونلاين"، صورة مختلفة، حيث ذهب إلى أن حزب الله يتعامل مع ملف السلاح من منطلق براغماتي تفاوضي، وليس عقائديا فقط، مؤكدا أن الحزب يسعى إلى تجيير السلاح كورقة تفاوضية لتحقيق مكاسب سياسية داخلية وإقليمية.

ويوضح أبو فضل أن حزب الله "لا يريد فقط التفاوض، بل يسعى إلى تقليد حماس في تجربتها مع إسرائيل، بحيث يصبح طرفا رسميا في أي مفاوضات مقبلة".

كما يتهمه أبو فضل "بمحاولة التحكم في مخرجات اتفاق الطائف عبر طرح تعديلات دستورية تعزز من النفوذ الشيعي، مثل المطالبة بمنصب نائب رئيس جمهورية أو قائد جيش من الطائفة الشيعية".

ويبيّن أبو فضل أن حزب الله يتعمد إحراج رئاسة الجمهورية والحكومة بعدم تقديم ورقة واضحة بخصوص ملف السلاح، ما يعرقل أي تقدم رسمي لبناني في هذا الملف، ويعزز مقولة أن قرار الحزب ليس داخليا بل مرهون بالحسابات الإيرانية.

السلاح والدولة.. سؤال الشرعية المعلّق

يحذر أبو فضل من استمرار وجود "السلاح فوق الدولة"، معتبرا أن أي فكرة عن استراتيجية دفاعية أو تسويات غامضة هي التفاف على السيادة والشرعية، وأن لبنان لن يتحمل تكرار سيناريوهات الرديف العسكري كما في العراق أو سوريا.

ويلفت أبو فضل إلى أن القوى اللبنانية – باستثناء الثنائي الشيعي – ترفض بالإجماع أي صيغة تبقي على سلاح غير شرعي خارج سلطة الدولة.

وفي سياق تحليله، يشير أبو فضل إلى أن لبنان لم يحصل على أسلحة هجومية منذ عقود، لأن المجتمع الدولي لا يثق بقدرة الدولة على منع تسرب السلاح للميليشيات، خاصة بعد أن استولى حزب الله على سلاح الدولة أكثر من مرة خلال الحروب السابقة.

بين التسوية والتصلب: ما هي وجهة حزب الله؟

في المحصلة، لا يبدو أن حزب الله في وارد التراجع عن موقفه من ملف السلاح.

وبين من يراه تمسكا شرعيا بمنطق الردع وواقع الغياب الكامل للضمانات، ومن يراه مراوغة سياسية لكسب أوراق تفاوضية داخلية وإقليمية، يبقى السلاح عنوانا عالقا بين الانقسام الداخلي، والضغوط الدولية، وارتدادات المواجهة المستمرة مع إسرائيل.

وجاءت أحداث السويداء لتزيد الصورة تعقيدا، من حيث تحذير حزب الله من "مصير سوري" محتمل إذا تكرر سيناريو تفكيك الجيوش أو القوى الرديفة دون ضمانات، ومن حيث توظيف الحالة السورية كمبرر للتمسك بالسلاح وتعطيل أي مبادرة لا تراعي حساباته الأمنية والاستراتيجية.

المبعوث الأميركي يعود بورقة لبنانية بلا تعهدات واضحة من الحزب، وحزب الله يصرّ على السلاح كخط أحمر في ظل غياب الثقة بالضامن الأميركي وعدوه الإسرائيلي.

أما الدولة اللبنانية، فتجد نفسها أمام معضلة: كيف يمكن حصر السلاح دون تفجير الداخل؟ وكيف يمكن بناء الدولة دون استعادة قرارها السيادي الكامل؟

الجواب، كما يُجمع المحللون، لا يبدو قريبا في الأفق، ما دامت الجبهات مفتوحة، والملفات مترابطة من بيروت إلى السويداء، ومن طهران إلى تل أبيب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق