كيف أعادت ثورة يوليو قناة السويس لمصر؟ - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف أعادت ثورة يوليو قناة السويس لمصر؟ - بلس 48, اليوم الاثنين 21 يوليو 2025 11:18 مساءً

يومان يفصلان تاريخ التأميم بين قناة حفرها المصريون بدمائهم وأرواحهم لتصبح بعد كل هذا الدم والعرق تحت قبضة الشركة الفرنسية وبين قرار شجاع لرئيس قرر أن تكون إرادة شعبه هي التي تحكم كل ذرة تراب وكل مرفق حيوي في هذا الوطن فكان قرار التأميم الذي سبق اتخاذه حوار قانوني هام بين الرئيس جمال عبد الناصر والدكتور مصطفى الحفناوي حول التأميم وآثاره المتوقعة وتداعياته قبل أن يكون القرار الذي صدر فى يوليو 1956..

عبد الناصر (يمشي ذهابًا وإيابًا في مكتبه، يمسك بورقة في يده): مصطفى، اجلس.. قرأت تقريرك عن الوضع القانوني لقناة السويس.. أنت رجل قانوني فذ، وهذا ما أحتاجه منك الآن.

الحفناوي (يجلس، يضع حقيبته بجانبه): تحت أمرك يا سيادة الرئيس، لقد استغرقت وقتًا طويلًا في دراسة كافة جوانب الامتيازات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالقناة، الأمر معقد، لكنه ليس مستحيلًا.

عبد الناصر (يتوقف وينظر إليه مباشرة): ليس مستحيلًا؟ هل هذا يعني أن لدينا حقًّا قانونيًّا في استعادة ما هو ملك لنا؟ العالم كله يرى القناة شريانًا دوليًّا، لكنهم ينسون أنها تجري في قلب أرضنا، ينسون أن أجدادنا هم مَن حفروها بدمائهم.

الحفناوي: بالضبط يا سيادة الرئيس، الامتياز الممنوح لشركة قناة السويس البحرية ينتهي عام 1968، وهذا واضح، ولكن الشركة تتمسك بحقوقها المكتسبة، وتدَّعي أن لها طبيعة دولية تمنع أي تدخل أحادي الجانب، لكن هذه مجرد مزاعم.

عبد الناصر (يجلس خلف مكتبه، ينحني للأمام): مزاعم؟ وهل سيصدق العالم هذه المزاعم إذا أعلنَّا التأميم؟ بريطانيا وفرنسا لن تقفا مكتوفتَي الأيدي، أمريكا لن تكون سعيدة أيضًا، سيكون هناك رد فعل عنيف، هل نحن مستعدون لذلك؟

الحفناوي: من الناحية القانونية البحتة، نعم، القناة تقع ضمن السيادة المصرية الكاملة، الشركة هي شركة مساهمة مصرية، حتى لو كان معظم أسهمها مملوكة لأجانب، القانون الدولي يعترف بحق الدول في تأميم المرافق الحيوية على أراضيها، بشرط التعويض العادل.

عبد الناصر: التعويض العادل.. .وهم لا يريدون تعويضًا، هم يريدون التحكم، هم يعتقدون أنهم يمتلكون هذه القناة.

متحف قناة السويس

وماذا عن الملاحة الدولية؟ هل يمكنهم استخدام هذا ذريعة لاتهامنا بخرق القوانين الدولية؟

الحفناوي: يا سيادة الرئيس، مصر لم ولن تمنع الملاحة الدولية في القناة، هذا التزام دولي واضح في اتفاقية القسطنطينية لعام 1888، بل على العكس، تأميم القناة سيضمن استمراريتها وفعاليتها بشكل أفضل تحت الإدارة المصرية، سنثبت للعالم أننا قادرون على إدارتها بكفاءة، وربما بكفاءة أعلى مما كانت عليه، هذه ليست عملية مصادرة، إنها عملية استعادة لحقوق مشروعة.

عبد الناصر (يومئ برأسه، يبدو عليه التفكير العميق): وهذا هو بيت القصيد، أن نُظهر للعالم أننا لا نطلب صدقة، بل نستعيد حقًا، وأننا سنكون حريصين على الملاحة الدولية أكثر منهم. مصطفى: هل أنت واثق تمامًا من أن موقفنا القانوني قوي بما يكفي لتحمل الضغوط التي ستأتي؟

الحفناوي (بثقة): أنا واثق يا سيادة الرئيس، الوثائق والمعاهدات التاريخية كلها في صالحنا، المهم هو طريقة العرض والتوقيت. يجب أن تكون الحجة القانونية قاطعة، مدعومة بإرادة سياسية قوية، العالم قد يتذمر في البداية، لكنه في النهاية سيحترم القرار إذا كان مبنيًا على حق.

عبد الناصر (تتوهج عيناه، يبتسم ابتسامة خفيفة): إرادة سياسية قوية.. .هذا ما سأتكفل به.

انت يا مصطفى عليك أن تجهز كل التفاصيل القانونية الدقيقة، سنضع خطة محكمة لا تسمح لهم بأي ثغرة، حان الوقت لتعود القناة لأصحابها الحقيقيين. حان الوقت لتأخذ مصر مكانها الذي تستحقه.

الحفناوي (ينهض، وعلى وجهه تصميم): سنفعلها يا سيادة الرئيس، وسيكتب التاريخ أن مصر استعادت كرامتها وسيادتها على أرضها ومواردها.

التاريخ يكتب

نعم سيكتب التاريخ أن مصر التي قامت بثورة كانت حتى الآن هي الملهمة لكل شعوب الأرض، اتخذ القائمون عليها قرارات جريئة تحمي الأرض والعِرض حتى لا ينسي التاريخ وهو ما شهدناه في متحف قناة السويس بالإسماعيلية في قاعة الهولوجرام التي جسدت ذلك الحوار الممتع بين الرئيس والمسئول لنجلس في صمت ونقرأ التاريخ ولكن بطريقة حديثة، وهو ما شهدناه في الغرفة المجاورة في حوار بين ديليسبس والخديوِ سعيد حول ما فعلته الشركة الفرنسية من أمور السخرة ضد المصريين، وهو حوار شيق يجعلك تدرك كيف كانت مصر منذ الأزل مطمعًا للاستعمار وأعوانه.

داخل متحف قناة السويس (الذي ينتظر الافتتاح الرسمي) تجد ذلك التمثال الضخم لفرديناد ديليسبس الذي يزن آلاف الأطنان والذي فجَّره المصريون في حرب 1956 بوضع مواد متفجرة (TNT) حتى سقط التمثال في القناة، ثم جرى تحطيمه بالكامل قبل أن يعاد ترميمه ووضعه داخل المتحف الذي يحكى قصة شعب ضحى بحياته مرة بالسخرة ومرات بالعزة والكرامة، منذ قديم الأزل وحتى حفر قناة أخرى جديدة بسواعد مصرية.

داخل المتحف أنت تعيش بانوراما تاريخية تبدأ بمجرد دخولك المبنى التاريخي الذي كان يُعرف بـ«فيلا ديليسبس»، ويعود تاريخه إلى عام 1862 وقد صممه ديليسبس بنفسه ليكون استراحة ومقرًّا لإقامته.

داخل القاعات، أنت تسير مع التاريخ منذ عصر الفراعنة وكيف كان لدى المصريين فكرة ربط البحرين الأحمر والمتوسط منذ العصور المصرية القديمة (مثل قناة سيزوستريس وقناة دارا الأول) لتعيش مع الخرائط القديمة، والمجسمات لمسارات مائية سابقة، ومخططات توضح المحاولات الأولى لربط البحرين.

تمضى في ممر صغير لتصل إلى قاعة حفر القناة فى الفترة بين 1859 و1869. حيث (المعاول، الفؤوس، السلال) وعمال السخرة والظروف القاسية التي عاشوها، لتحكي المجسمات حكاية هذا الشعب الذي حفر القناة ومات تحت ترابها.

عبد الناصر في قناة السويس بعد تأميمها

لتقدم قاعة ديليسبس والإدارة الأوروبية صورة أخرى للمستعمر الذي يحتكر كل صور البذخ الذي عاشه الفرنسيون بعد حفر القناة وكيف كان عقد الامتياز هو المكافأة التي حصدها المستعمر ودفع ثمنها المصريون الذين عندما أرادوا استرجاع الحق كانتِ الحرب والعدوان الغاشم والذي كان للقناة دور حيوي فى مواجهة هذا العدوان.

ولا تخلو القاعات من صور الحفل العظيم الذي أقيم لافتتاح القناة وكيف كان أكبر حدث عظيم تشهده المحروسة، لنمضي مع تاريخ القناة حتى قرار حفر قناة أخرى جديدة، ولا تترك لنا قاعات العرض أي لمحة دون توثيقها، فها هم المسئولون عن المتحف يوثِّقون بصورة متميزة وتجسيد ميكانيكي ملحمة بطولية تمت بعقول وسواعد مصرية نجح من خلالها المصري في التعامل مع أزمة السفينة العملاقة (إيفرجيفن) وتعويمها، وتمتِ السيطرة على الموقف، ونجح في مهمته الوطنية بتسيير السفن في القناة بعد مؤامرة سحب المرشدين الفرنسيين، فكان له الدور الكبير فى إنقاذ الملاحة الدولية في وقت عصيب كان العالم كله يترقب فيه الموقف ويتوقع توقف الملاحة بالقناة.

إنها سواعد وعقول المصريين الذين يموتون فداءً لهذا الوطن.. يتحدون الصعاب ويواصلون العمل دون أن يتذوقوا طعم النوم.

وهي مصر التي كانت ثورتها ضد الظلم وكانت إنجازات الثورة عظيمة تشهدها حتى اليوم عندما قررت إدارة القناة تنظيم رحلة بحرية داخل القناة الجديدة من خلال إحدى قاطرات الجر لتمضي بنا خلف السفن العملاقة وحاملات البترول في قافلتَي الشمال والجنوب حيث أصبح الممر الملاحي مهيأ للسير ذهابًا وإيابًا، لنشهد روح مختلفة بسواعد القباطنة والمرشدين داخل قناة السويس، ونشهد بأعيننا كيف يكون الوطن أمانة في أيدي رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

اقرأ أيضاًفي ذكراها الـ 73.. كيف صاغت ثورة يوليو مسار القضية الفلسطينية؟

وزير الداخلية يهنئ مدبولي وقيادات الدولة بمناسبة ذكرى ثورة يوليو المجيدة

المركزي المصري: البنوك إجازة الخميس المقبل بمناسبة ثورة يوليو

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق