في ظل التوترات المتصاعدة بين أكبر شريكين تجاريين في العالم، يستعد الاتحاد الأوروبي لرد هجوم مضاد ضد الولايات المتحدة، بعد أن تبيّن أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تطالب بمزيد من التنازلات الأوروبية، وقد تفرض رسوماً جمركية تتجاوز 15% على سلع أوروبية رئيسية، في حال فشل التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي المحدد في الأول من أغسطس.

ورغم التفاؤل الحذر من بعض المسؤولين الأميركيين، فإن مؤشرات غضب الاتحاد الأوروبي بدأ تتصاعد، في وقت يرى فيه الأوروبيون أن العلاقة التجارية على شفا انفجار جديد.

تحول مفاجئ في الموقف الأميركي: التنازلات لم تعد كافية

بحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال، فقد فوجئت بروكسل بمطالب أميركية إضافية خلال جولة المحادثات الأخيرة. إذ أبلغ مسؤولون أميركيون المفوض التجاري الأوروبي بأن الرئيس ترامب غير راضٍ عن التنازلات الأوروبية السابقة، ويسعى لفرض رسوم جمركية أساسية على معظم السلع الأوروبية بنسبة قد تصل إلى 15% أو أكثر، مقارنة بالنسبة الحالية البالغة 10%، التي كان الأوروبيون يعتبرونها بالفعل مؤلمة.

واشنطن: لا استعجال في الاتفاقات التجارية

صرّح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، بأن إدارة ترامب تركّز على جودة الاتفاقات وليس توقيتها، في إشارة واضحة إلى أن واشنطن ليست على عجلة من أمرها لإتمام الصفقة قبل الأول من أغسطس. 
وأكد وزير التجارة هاورد لوتنيك تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق، وقال: "سيكون اتفاقًا عظيمًا لأميركا، لأن الرئيس يدافع عن مصالحها بقوة".

الاتحاد الأوروبي يلوّح بإجراءات انتقامية و"سلاح تجاري جديد"

ردًا على التهديدات الأميركية، بدأ الاتحاد الأوروبي في التحضير لإجراءات انتقامية موسعة تشمل قيودًا على الخدمات الرقمية الأميركية وحرمان الشركات الأميركية من الوصول إلى سوق المشتريات العامة الأوروبية. 
كما يدرس تفعيل أداة قانونية جديدة تُعرف باسم مكافحة الإكراه، لم تُستخدم من قبل، وتتيح فرض قيود واسعة على التجارة والاستثمار في حال واجهت الكتلة ضغوطًا اقتصادية من طرف خارجي.

ألمانيا تتخلى عن الاعتدال وتقترب من الخط الفرنسي

أشارت وسائل إعلام نقلا عن مصادر مطلعة إلى أن ألمانيا، التي كانت حتى وقت قريب تتبنى موقفًا معتدلاً، بدأت تقترب من الموقف الفرنسي الأكثر تصعيدًا، في ظل التهديدات الجمركية المتكررة من واشنطن. 
وأكد مسؤول ألماني أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، مضيفًا: "إذا أرادوا حربًا تجارية، فسنكون مستعدين".

خيارات الاتحاد الأوروبي جاهزة للتفعيل خلال أيام

تملك بروكسل بالفعل حزمتين من الرسوم الجمركية جاهزتين للاستجابة لأي تصعيد أميركي، تشملان سلعًا أميركية تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، مثل الطائرات، وزبدة الفول السوداني، والويسكي.
وقد تم تحضير هذه الحزم سابقًا ولكن لم تُفعل، مع العلم أن الحزمة الثانية تنتظر فقط موافقة رسمية من الدول الأعضاء لتُفعّل فورًا عند الحاجة.

الاتحاد الأوروبي: لا نية للتصعيد قبل الموعد النهائي

رغم التحضيرات الجارية، أكدت المفوضية الأوروبية أنها لا تعتزم اتخاذ أي إجراءات انتقامية قبل الأول من أغسطس. وكررت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين أن أداة مكافحة الإكراه صُممت لحالات الطوارئ، لكنها لم تستبعد استخدامها مستقبلاً. 
وتراقب بروكسل الوضع عن كثب بينما تتزايد الضغوط الداخلية للرد القوي في حال فشلت المفاوضات.

قيمة العلاقة على المحك: تجارة بـ5 مليارات دولار يوميًا

العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تُعد من الأضخم عالميًا، إذ يتبادل الطرفان سلعًا وخدمات تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار يوميًا. 
أي تصعيد محتمل في هذه العلاقة سيحمل تداعيات اقتصادية ضخمة، ليس فقط للجانبين، بل للأسواق العالمية أيضًا.