أعلنت وزارة السياحة والآثار، بالتعاون مع الحكومة الإسبانية، عن الانتهاء من مشروع تحديث نظام الإضاءة الداخلية للأهرامات الثلاثة (خوفو، خفرع، منكاورع)، باستخدام أحدث تقنيات الإضاءة الذكية والموفرة للطاقة (LED)، في خطوة جديدة تهدف إلى تحسين تجربة الزوار والحفاظ على القيمة الأثرية الفريدة لهذه الأعجوبة المعمارية الخالدة.

هدف المشروع: الاستدامة وتعزيز الجذب السياحي

قال شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، إن هذا المشروع يأتي ضمن استراتيجية الوزارة للارتقاء بالخدمات السياحية المقدمة داخل المواقع الأثرية والمتاحف، موضحًا أن تحديث الإضاءة يسهم بشكل مباشر في تحسين تجربة الزائر، خاصة من الأسواق السياحية العالمية التي تولي اهتمامًا خاصًا بـ السياحة الثقافية.

وأكد الوزير أن المشروع يعكس التزام الدولة بحماية التراث الحضاري المصري وفقًا لأعلى المعايير الدولية، ويعزز من مكانة مصر كمقصد سياحي مستدام ومتطور تقنيًا.

نظام إضاءة صديق للبيئة وآمن على الأثر

من جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن نظام الإضاءة الجديد يعتمد على وحدات إضاءة باردة ومتوازنة لا تصدر حرارة أو إشعاعات قد تُؤثر سلبًا على المكونات الأصلية للأهرامات، مؤكداً أن هذه التقنية تضمن السلامة الكاملة للمواد الحجرية التي تعود لآلاف السنين.

وأشار إلى أن المشروع تم تنفيذه على يد فريق مصري-إسباني مشترك، ومرّ بجميع الاختبارات العلمية والفنية الدقيقة، بما في ذلك دراسات الإنارة، وتحديد نقاط التوزيع الضوئي التي لا تُخِل بالتكوين البصري أو الأثري للأهرامات.

إبراز جمال العمارة المصرية القديمة

أشار الأمين العام إلى أن نظام الإضاءة الجديد لا يقتصر على الجانب التقني أو الحماية الأثرية فقط، بل يهدف إلى تعزيز الانبهار البصري داخل الأهرامات، حيث تم توزيع وحدات الإضاءة بدقة على الممرات والغرف الداخلية وحجرات الدفن، مما يساعد الزائر على رؤية تفاصيل البناء والكتل الحجرية العملاقة التي تُعد من روائع العمارة المصرية القديمة.

وأضاف أن هذا التطوير يُجسد مفهوم الاستدامة، ويجعل من زيارة الأهرامات رحلة تعليمية وبصرية مميزة، تظهر فيها روعة التصميم المصري القديم المرتبط بفكرة الخلود.

تجربة جديدة للزوار.. دون المساس بالأصالة

أكد أشرف محيي الدين، مدير عام آثار الجيزة، أن المشروع شمل جميع عناصر الداخل الخاصة بكل هرم، من المصاعد والممرات وحتى حجرات الدفن، مشددًا على أن الطابع الأثري والروح الأصلية للأهرامات لم تتأثر، حيث تم تنفيذ المشروع بدقة فائقة وتحت إشراف مباشر من الجهات الأثرية المختصة.

وأشار إلى أن الإضاءة الجديدة أضافت بعدًا تفاعليًا بصريًا مثيرًا للزوار، سواء من داخل مصر أو خارجها، ما يُساهم في إطالة مدة الزيارة وزيادة الإقبال السياحي، وهو ما يتماشى مع توجه الدولة نحو تحويل المواقع الأثرية إلى وجهات مستدامة وتجريبية من الطراز الأول.

تحديث الإضاءة الداخلية في أهرامات الجيزة يُعتبر جزءًا من رؤية أوسع تتبناها وزارة السياحة والآثار لتحويل تجربة زيارة المواقع الأثرية إلى تجربة رقمية وتفاعلية، تدمج بين حماية التراث وتعزيز تجربة الزائر، بما يدعم رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة في قطاع السياحة.

 الحفاظ على الخلود.. بروح العصر

يُعد مشروع تحديث الإضاءة في أهرامات الجيزة مثالًا حيًا على كيفية التوازن بين الحفاظ على الأصالة والانفتاح على التطور التكنولوجي، إذ يبرز عبقرية الحضارة المصرية القديمة بلغة العصر الحديث، ويضع الأهرامات مجددًا في بؤرة الاهتمام العالمي كواحدة من أهم مواقع التراث الإنساني التي ما زالت تنبض بالحياة حتى اليوم.