في لحظة وصفت بـ"الفارقة" لمسار السلام في القارة الإفريقية، شهدت العاصمة القطرية الدوحة توقيع إعلان مبادئ بين الحكومة الكونغولية وحركة "23 مارس"، يقضي بوقف إطلاق النار وبسط سيادة الدولة الكونغولية على كامل أراضيها. 
الاتفاق الذي جاء بعد مفاوضات معقدة في الدوحة، أثار ترحيباً واسعاً من المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي، وأكد على الدور المحوري الذي لعبته قطر في احتضان المفاوضات وتذليل العقبات أمام التوصل إلى تفاهم تاريخي يُنهي معاناة ملايين النازحين واللاجئين في الكونغو.

إشادة أمريكية بدور الدوحة القيادي في إحلال السلام

أعرب المبعوث الرئاسي الأمريكي للشؤون الإفريقية عن بالغ امتنانه لدولة قطر، قائلاً: "نشكر دولة قطر على دورها الأساسي والمحوري في حل النزاعات". 
وأضاف أن من المعروف عن قطر دورها الريادي عالمياً في دعم جهود المصالحة، ومبادراتها أثمرت عن نتائج ملموسة في أكثر من بؤرة نزاع". 
كما أشار إلى أن الإدارة الأمريكية عملت بشكل حثيث مع الجانب القطري على صياغة إعلان المبادئ الذي تم توقيعه، مشدداً على أن أحد أبرز بنوده هو التأكيد على بسط سلطة الدولة الكونغولية على جميع أراضيها.

الحرب في الكونغو: أزمة إنسانية تحتاج لحلول جذرية

وفي سياق حديثه عن خلفيات النزاع، كشف المبعوث الأمريكي أن الحرب في الكونغو خلفت ما لا يقل عن 8 ملايين نازح ولاجئ، معتبراً أن هذا الرقم يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تعيشها البلاد. 
وأضاف: "معظم المبادرات السابقة لإنهاء الحرب لم تصل إلى نتائج إيجابية"، ما يجعل اتفاق الدوحة بمثابة نقطة تحوّل حقيقية في مسار الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء هذا الصراع الدموي.

الاتحاد الإفريقي يرحّب ويشيد بالجهود القطرية والأمريكية

بدوره، عبّر رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي عن ترحيبه الحار بتوقيع اتفاق السلام، قائلاً: "نُشيد بالدور البنّاء للإدارة الأمريكية وقطر، ونُقدّر المساهمات القيّمة من جميع الأطراف". 
وخص بالشكر أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قائلاً: "نوجه شكراً خاصاً له على التزامه المتواصل بدعم السلام والاستقرار في إفريقيا"، مؤكداً أن هذا الاتفاق يمثل خطوة مهمة على طريق المصالحة الوطنية والتنمية المستدامة في الكونغو.

نحو سلام شامل في إفريقيا والدوحة شريك استراتيجي

قال المبعوث الرئاسي الأمريكي إن القارة الإفريقية تعاني من نزاعات متعددة، لكنه أعرب عن تفاؤله قائلاً: "بالتعاون مع قطر ودول أخرى، سنصل إلى حلول فعالة لهذه الأزمات". 
وأضاف أن واشنطن ترى في الدوحة شريكاً أساسياً في جهود إحلال السلام، مؤكداً أن إعلان المبادئ الموقع اليوم في قطر قد يكون نموذجاً يحتذى به لحل نزاعات أخرى في القارة.

إعلان مبادئ تاريخي.. وبداية لمرحلة جديدة

الاتفاق الموقع في الدوحة ينص بشكل واضح على وقف فوري لإطلاق النار، وبسط سيادة الدولة على أراضيها كافة، وتهيئة الأرضية لمفاوضات مباشرة تهدف إلى تحقيق سلام شامل ودائم. 
ويأمل مراقبون أن يسهم هذا الإعلان في كبح جماح الجماعات المسلحة في الكونغو، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.

الدوحة ترسم خريطة جديدة للسلام في إفريقيا

تؤكد هذه الخطوة أن الحلول الدبلوماسية لا تزال ممكنة حتى في أحلك الأزمات، وأن الحوارات التي تُدار بمسؤولية ورؤية يمكن أن تثمر عن نتائج تنقذ الأرواح وتبني الأوطان. 
ومع تزايد الاعتراف الدولي بدور قطر كلاعب رئيسي في تسوية النزاعات، تبدو الدوحة على الطريق الصحيح لترسيخ مكانتها كعاصمة للسلام العالمي، خصوصاً في القارة الإفريقية التي تتطلع إلى مرحلة جديدة من الاستقرار.