بين موازين السياسة وتقلبات الاقتصاد، يواصل الذهب الأسود تأرجحه فوق برميل من الشكوك، في مشهد عالمي مشحون بالرسوم الجمركية والخلافات الجيوسياسية، لم تعد أسواق النفط تتحرك فقط على وقع العرض والطلب، بل باتت تترنح بين تصريحات قادة الدول وتقارير البنوك العالمية، واليوم، تفقد أسعار النفط نسبة جديدة من بريقها، بينما تترقب الأسواق مفاجآت النصف الثاني من العام.

انتعاش في استهلاك الوقود بالصين

تراجعت أسعار النفط في تعاملات اليوم الأربعاء بنسبة 1% تقريبًا، متأثرة بمخاوف المستثمرين من تداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد العالمي، والتي طغت على بوادر انتعاش في استهلاك الوقود بالصين.

الأسعار تتحرك ضمن نطاق محدود

رغم استمرار موسم السفر الصيفي الذي يدعم الطلب على الوقود في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ظلت الأسعار تتحرك ضمن نطاق محدود، وسط ترقب لنتائج المواجهات التجارية التي تشهدها الساحة الدولية، خاصة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين.

سجّلت العقود الآجلة لخام برنت تراجعًا قدره 63 سنتًا لتصل إلى 68.08 دولارًا للبرميل، في حين انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 69 سنتًا ليصل إلى 65.83 دولارًا.

وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من مطلع أغسطس، ما أثار ردود فعل أوروبية رافضة، وتهديدات بإجراءات انتقامية تطال سلعًا أمريكية بقيمة 72 مليار يورو، إذا لم يتم التوصل لاتفاق.

كما لوّح ترامب بعقوبات اقتصادية مشددة على روسيا خلال أقل من شهرين، إذا لم تنجح مفاوضات وقف الحرب في أوكرانيا.

في المقابل، أفادت مصادر في السوق بأن شركات التكرير الصينية الحكومية زادت إنتاجها بعد انتهاء أعمال الصيانة، بهدف تلبية الطلب المتزايد في الربع الثالث، وتعويض النقص الحاد في مخزونات البنزين والديزل.

الصين سجلت نموًا قدره 400 ألف برميل يوميًا في الطلب على النفط 

وفي تقرير حديث، اشار إلى أن المخاوف من تراجع الطلب الصيني مبالغ فيها، مؤكدًا أن الاستهلاك لا يزال مرنًا، ووفق تقديرات البنك، فإن الصين سجلت نموًا قدره 400 ألف برميل يوميًا في الطلب على النفط خلال النصف الأول من 2025، ليبلغ إجمالي الاستهلاك 17.2 مليون برميل يوميًا.

من جانبه، توقع تقرير شهري صادر عن "أوبك" تحسنًا في أداء الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني من العام، مما يدعم احتمالات زيادة الطلب على النفط، خصوصًا في الأسواق الناشئة مثل البرازيل والصين والهند، بينما تواصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعافيها من تبعات العام الماضي.

وتزامنًا مع هذه التوقعات، أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي ارتفاعًا في مخزونات الخام بالولايات المتحدة بمقدار 839 ألف برميل، إلى جانب زيادة في مخزونات البنزين والمقطرات، ما يعكس تباينًا في مؤشرات العرض والطلب في السوق الأمريكية.