حذّر مراقبون لقطاع النفط والغاز في بريطانيا من عواقب كارثية لمخططات حزب العمال الحاكم بقيادة السير كير ستارمر، الذي جاء إلى السلطة في يوليو/تموز (2024).
وفي حملته الانتخابية، روّج الحزب لخطّة إلغاء إصدار تصاريح جديدة للتنقيب عن النفط والغاز، كما يعتزم زيادة الضرائب المفاجئة وإلغاء إعفاء ضريبي، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع في بريطانيا.
ويستهدف الحزب تحقيق هدف توليد 100% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030 قبل 5 سنوات من سابقه "المحافظين"، للوصول إلى الحياد الكربوني في 2050.
وتضع تلك السياسة مصادر رزق نحو 200 ألف عامل وأسرهم في خطر، مع توقعات بخسارة 400 فرصة عمل أسبوعيًا.
قلق عمال النفط والغاز في بريطانيا
وجّه رئيس جمعية الطاقة البحرية "أوفشور إنرجي يو كيه" البريطانية (Offshore Energies UK) ديفيد وايتهاوس والأمين العام لنقابة العمال البريطانية (GMB) غاري سميث ورئيس رابطة شركات التنقيب المستقلة روبين ألان انتقادات لسياسة حزب العمال، محذّرين من مخاطرها الكارثية على خسارة العاملين في بحر الشمال قوتَ يومهم.
وفي مقال نشرته صحيفة التايمز البريطانية (The Times)، حذّروا من خسارة وظائف تعادل تلك الناتجة عن إغلاق مصفاة تكرير النفط "غرانغماوث" (مصفاة النفط الوحيدة في إسكتلندا) أسبوعيًا خلال المدة بين عامي 2025 و2030.
وكان مسؤولو المصفاة قد ذكروا في مطلع سبتمبر/أيلول المنصرم (2024) أن المصفاة ستخرج من الخدمة خلال الربع الثاني من العام المقبل 2025، وستسرّح 400 عامل.
ووصفت الأمينة العامة لنقابة العمال "يونايت ذا يونيون" (Unite the union) شارون غراهام إغلاق المصفاة قبل موعدها "بالعمل التخريبي المروع"، بما يجعل خطة الحياد الكربوني تبدو بعيدة عن انتقال الطاقة العادل.
ورصدت منصة الطاقة المتخصصة تصريحات سابقة لغراهام في مايو/أيار (2024) (قبل تولّي حزب العمال السلطة) تقول فيها، إن مستقبل 30 ألف عامل في شمال شرق في خطر إذا تحوّلت خطط حزب العمال "غير الناضجة والطائشة" إلى واقع.
وفي ذلك الوقت، أطلقت "يونايت ذا يونيون" حملة بعنوان "لا حظر دون خطة"، لدعم مستقبل العاملين ببحر الشمال، وتحديدًا في 6 دوائر انتخابية بإسكتلندا.
وخشية أن يؤول مصيرهم إلى مصير عمال الفحم نفسه، طالبت النقابة بعدم حظر تراخيص التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال دون وضع خطة واضحة لتحول الطاقة تحمي مستقبل العمال، قائلة: "لا تُفلت حبلًا قبل أن تمسك بآخر".
إنتاج النفط والغاز أم استيراده؟
تساءل رئيس جمعية "أوفشور إنرجي يو كيه" البريطانية ديفيد وايتهاوس والأمين العام لنقابة العمال غاري سميث ورئيس رابطة شركات التنقيب المستقلة روبين ألان عن مستقبل إنتاج النفط والغاز في بريطانيا في حالة حظر تراخيص التنقيب الجديدة.
وقالوا، إن البديل للإنتاج المحلي سيكون الاستيراد "في ظل عالم مضطرب بازدياد".
يتفق ذلك الرأي مع ما قاله رئيس شركة "إيثاكا إنرجي" (Ithaca Energy) جلعاد مايرسون، بأن سياسات حزب العمال ستقضي على الصناعة والإنتاج المحليين، وعليه أن يختار بين إنتاج النفط والغاز محليًا أو استيراد الوقود.
كما قالت الرئيسة التنفيذية لشركة نورث سي ميدستريم بارتنرز (North Sea Midstream Partners) سايما كوكس، إن الطلب على الغاز الطبيعي سيستمر لما بعد 2050؛ لأن 24 مليون منزل يعتمدون عليه للتدفئة.
وسيكون تلبية ذلك الطلب من خلال استيراد الغاز المسال ذي البصمة الكربونية الأعلى في ضوء تراجع الإنتاج المحلي الذي لا يلبي سوى أقل من نصف الطلب، بحسب كوكس.
رد الحكومة
بعد تأكيد تأثير سياسة حزب العمال في إنتاج واستثمارات وعمال النفط والغاز في بريطانيا، طالب ممثلو الشركات والعمال في بحر الشمال ديفيد وايتهاوس وغاري سميث وروبين ألان الحكومة بتطبيق نظام مالي عادل يعزز الاستثمار وفرص العمل، وكذلك إنتاج الحقول التي تزود السكان بما يحتاجون إليه من نفط وغاز.
ويؤكد المسؤولون الـ3 أن الطلب على النفط والغاز سيستمر على مدار السنوات المقبلة، رغم تعهد حزب العمال بتوليد 100% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول 2030.
وردّ المتحدث باسم وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني على المقال، مؤكدًا التزام الحكومة غير القابل للتفاوض لتأمين مستقبل مشرّف لبحر الشمال، وأشار إلى تعاون جارٍ مع أصحاب المصالح في الصناعة والعمال والنقابات والمجتمع المدني لمنحهم اليقين خلال مرحلة انتقال الطاقة التدريجي والمسؤول.
وأضاف أن صندوق الثروة وشركة "غريت بريتيش إنرجي" (Great British Energy) سيعملان مع الصناعة لإطلاق العنان للاستثمارات الخاصة، بما يوفر الآلاف من فرص العمل في قطاع الطاقة النظيفة لتعزيز أمن الطاقة.
وفي السياق نفسه، طالبت الرئيسة التنفيذية لشركة نورث سي ميدستريم بارتنرز، سايما كوكس بإرساء تعاون ضروري بين الصناعة وصنّاع السياسات لضمان دور المنظومة المالية في تعزيز انتقال الطاقة وأمنها، مع ضمان جدوى النفط والغاز في بريطانيا على المدى الطويل.
وفي ضوء الحاجة للاستقرار وتهيئة بيئة مواتية لدعم استمرار الاستثمارات في بحر الشمال، سلّطت كوكس الضوء على الحاجة لنظام ضريبي ذي ميزة تنافسية دولية تجذب الشركات وتدعم سلسلة الإمداد والقوى العاملة وعدم المخاطرة من أجل مكاسب قصيرة الأمد لا أثر لها سوى تهديد مرونة مزيج الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق