"جيل زد" بين الأصل والنسخ المشوهة - بلس 48

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هو جيل رقمي (بين 1997 و2012) ولد وتربى ونشأ في حضن الإنترنيت بكل ألوانه، يمتلك مبادئ راقية، سلوكه حسن، بعيد عن الجشع والبذخ واستهلاك الكحول والمخدرات، ميال إلى مساعدة أسرته أو أقرب أصدقائه، ويمتلك وعيا سياسيا كافيا لفهم ما يجري حوله. هدفه إيجاد وظيفة بعد التخرج من الجامعات أو المدارس العليا، ذو حساسية زائدة مقارنة بالأجيال السابقة، يعاني من قلة النوم بسبب الارتباط الشديد بالشاشة، لكنه يقضي وقتا مهما في القراءة الرقمية المفيدة. يمتلك وعيا بيئيا كبيرا، وهو عموما غير ميال إلى استعمال العنف أو التحريض عليه. وقد وُصف هذا الجيل بأنه الأكثر تعلما ومعرفة من سابقيه.

هذا هو الأصل، أما المشوه فقد رصدناه في النيبال، لأن تجميد الحكومة للاستعمال الرقمي شل هذا الجيل وخلق حالة من الخصاص الإدماني، فتحول البلد إلى خراب مشتعل نتج عنه ما يزيد عن 74 قتيلا وخسائر بملايين الدولارات، أغلبها منشآت ومؤسسات رسمية. فتم إعلان حالة الطوارئ واتخاذ إجراءات سياسية جذرية في انتظار عودة الهدوء.

صحيح أن النيبال غرقت في فساد شديد واسع أكثر مما كان في عهد الملكية، لكن لم يكن جيل زد هو المنتظَر لصنع التغيير، ويظهر أن جهات معينة هي التي حركت الشباب عبر التهييج الرقمي، فتم استغلالهم بشكل خبيث، وبنتائج بعيدة عن أهداف هذا الجيل كما هي معروفة عالميا.

نسخة مشوهة أخرى انفجر لهيبها في المغرب، بعذر الفساد في التعليم والصحة ثم امتد إلى انتقاد الفساد في كل شيء، وقد كانت المظاهرات سلمية في البداية، نالت تعاطف شرائح واسعة من المغاربة، شخصيات بارزة في الرياضة والفكر والسياسة وغيرها، لكن الهمجية التي سقط فيها هذا الجيل في المغرب تثير الكثير من علامات الاستفهام.

– خروج الكثير من المراهقين دون سن الخمسة عشر، وهم منطقيا لا ينتمون لجيل زد

– ركوب بعض الجماعات والجمعيات وذوي النيات السيئة على الموجة بالتحريض وعرقلة القوات العمومية في حفظ الأرواح والممتلكات والمرافق العمومية وغير العمومية بعذر احترام حقوق الإنسان.

– العنف غير المسبوق والذي لا يضاهيه سوى عنف “الجماهير الرياضية” أثناء المباريات وبعدها.

– انعدام وجود جهة محددة يمكن التفاوض معها، وكأنها نار من فعل فاعل مجهول، وعادة يتحمل جيل زد الحقيقي مسؤوليته ويكشف عن وجهه ومطالبه.

– الخروج إلى الشارع دون ترخيص وهو ما يقترب من العصيان المدني، الذي لا مبرر لوجوده في الوقت الراهن.

إذن هي نسخة مشوهة تميل إلى الإجرام وتختبئ كالمذنبين الخائفين من العقاب، دون مطالب واضحة ولا خطة مرسومة للنضال، ولا عقلانية في فهم آلية التغيير ومنهجيته، وعلى الذين يحركون خيوط هذه الكراكيز أن يتقوا الله في هذا البلد الآمن، وأن يدركوا أن امتلاك السلطة لا يتم بهذه الوسائل الشيطانية التي قد تحرقنا وتحرقهم.

أخبار ذات صلة

0 تعليق