كان 2025 بلا شك عام الذكاء الاصطناعي. فقد أنفقت شركات التكنولوجيا الكبرى ما يقارب 400 مليار دولار على النفقات الرأسمالية، وهو إنفاق ضخم لدرجة أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أنه حال دون حدوث ركود اقتصادي شامل.
وأصبحت شركة إنفيديا أول شركة تتجاوز قيمتها 4 تريليونات دولار. وبات محتوى الذكاء الاصطناعي حاضرًا بقوة، متغلغلًا في كل شيء من هوليوود إلى الإعلانات الانتخابية.
وبالنظر إلى استحواذ الذكاء الاصطناعي على جزء كبير من اهتمام العالم في 2025، فهذه أبرز أحداث شهدها هذا القطاع هذا العام، بحسب تقرير لموقع بيزنس إنسايدر، اطلعت عليه “العربية Business”.
1- فقاعة أفكار وول ستريت
لا يستطيع المتداولون الجزم ما إذا كانت هذه الفترة تشبه حقبة فقاعة الدوت كوم مرة أخرى أم لا. ولا يتفق الرؤساء التنفيذيون لشركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أيضًا.
ففي أغسطس، أثار سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، مخاوف من تشكل فقاعة بالفعل. ومنذ ذلك الحين، أبدى كلٌ من بيل غيتس، وجينسن هوانغ من شركة إنفيديا، ومارك كوبان، ومارك زوكربيرغ، آراءً متشابهة أو مخالفة.
وغالبًا ما ينتهي تفكير المتفائلين بالتركيز على السكك الحديدية وغيرها من الابتكارات الرائدة التي أحدثت تحولاً جذرياً في الاقتصاد.
قال هوانغ خلال مكالمة أرباح إنفيديا للربع الثالث: “هناك حديث كثير عن فقاعة الذكاء الاصطناعي. من وجهة نظرنا، نرى شيئًا مختلفًا تمامًا”.
وحتى أولئك الذين يقودون طليعة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي يعربون عن قلقهم من أن بعض منافسيهم يتصرفون بجرأة مفرطة.
قال داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة الذكاء الاصطناعي “أنثروبيك”، في أوائل ديسمبر خلال حدث لصحيفة نيويورك تايمز:
“هناك حالة من عدم اليقين الحقيقي، وهناك معضلة حقيقية، ونحن كشركة نحاول إدارتها بمسؤولية قدر الإمكان. وأعتقد أن هناك بعض اللاعبين الذين يتصرفون بتهور، ويدفعون الأمور إلى أقصى حد، وأنا قلق جدًا بشأن ذلك”.
2- جنون الإنفاق الرأسمالي
خلص بنك جيه بي مورغان تشيس إلى أن الإنفاق المتعلق بالذكاء الاصطناعي ساهم بنسبة 1.1% من نمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من العام. ولا يُرجح أن يتباطأ هذا الإنفاق.
وقال بنك غولدمان ساكس إن التقدير السائد الحالي حاليًا هو أن الشركات العملاقة في مجال الحوسبة السحابية ستنفق 527 مليار دولار على النفقات الرأسمالية العام المقبل.
وقد أشار كل من زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، وقيادة “أوبن إيه آي” بشكل منفصل إلى أن الخطر الأكبر يكمن في عدم الإنفاق بالقدر الكافي.
وقال رئيس “أوبن إيه آي”، غريغ بروكمان، في مقطع فيديو نُشر مؤخرًا على منصة إكس: “نريد أن نكون في الطليعة. والحقيقة هي أنني لا أعتقد أننا سنكون كذلك، مهما بلغ طموحنا الآن. أعتقد أن الطلب سيتجاوز بكثير ما يمكننا تصوره”.
3- حرب استقطاب المواهب
كانت المنافسة على استقطاب مواهب الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون أشدّ ضراوةً في عام 2025. وخلال الصيف، بلغت هذه المنافسة ذروتها.
ربما لم تكن أي شركة أخرى أكثر عدوانية من شركة ميتا، فقد سعى زوكربيرغ إلى استقطاب أفضل المواهب بعروض مغرية تُقدّر بعشرات الملايين من الدولارات.
وقال ألتمان إن “ميتا” عرضت على أفضل موظفيه مكافآت توقيع تصل إلى 100 مليون دولار. وقال مسؤول رفيع آخر في “أوبن إيه آي” إن زوكربيرغ قدّم حساءً تم إعداده منزليًا لأحد الموظفين الذين استهدفهم.
وتتفاخر “أوبن إيه آي” بأنها تمكنت إلى حد كبير من صد جهود “ميتا”، رغم أن شنججيا تشاو، أحد مؤسسي شات جي بي تي، انضم لاحقًا إلى مختبر الذكاء الفائق الخاص بميتا.
4- الصفقات الدائرية
حتى الشركات العملاقة في مجال الحوسبة السحابية تحتاج إلى دعم إضافي للحفاظ على أنماط إنفاقها. لهذا السبب، أصدرت شركات ألفابت، وأمازون، وميتا، ومايكروسوفت، وأوراكل سندات بقيمة 100 مليار دولار تقريبًا، مما ساهم في تحقيق مبيعات قياسية جديدة للسندات العالمية.
أثارت الطبيعة الدائرية للعديد من صفقات الذكاء الاصطناعي مخاوف بعض المحللين والمتداولين. فعلى سبيل المثال، تعهدت شركة أنثروبيك باستثمار 30 مليار دولار في مايكروسوفت أزور لتوسيع نطاق قدرات الحوسبة في منصة كلود. وكجزء من الصفقة، ستستثمر مايكروسوفت ما يصل إلى 5 مليارات دولار في أنثروبيك.
ووافقت إنفيديا، التي تُعدّ هذه الصفقة وغيرها من الصفقات المماثلة من أهمّ استثماراتها، على استثمار ما يصل إلى 10 مليارات دولار في أنثروبيك في إطار الصفقة نفسها.
وليس كل المنفقين على القدر نفسه من الاستطاعة. فشركة أوبن إيه آي، التي يُتوقع أن تتكبد خسائر بقيمة 9 مليارات دولار هذا العام، لديها التزامات إنفاق تُقدّر بنحو 1.4 تريليون دولار على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم. وعلى عكس غوغل وميتا ومايكروسوفت، لا تمتلك أوبن إيه آي قاعدة إيرادات ثابتة تعتمد عليها.
لهذا السبب، أثارت سارة فراير، المديرة المالية لشركة أوبن إيه آي، عاصفة من الانتقادات عندما أشارت إلى أن الشركة الناشئة قد ترغب في الحصول على دعم حكومي محتمل لتأمين استثماراتها في مراكز البيانات. وقد تراجعت فراير عن تصريحاتها، وأكد ألتمان لاحقًا أن أوبن إيه آي لا تؤمن بخطط الدعم الحكومي.
5- غوغل أصبحت في طليعة السباق
قادت أوبن إيه آي معظم سباق نماذج الذكاء الاصطناعي منذ إطلاق “شات جي بي تي” في 2022.
وبعد ثلاث سنوات، كان ألتمان هو من أعلن حالة “التأهب القصوى”، وذلك بعد أكثر من شهر بقليل من إتمام أوبن إيه آي لإعادة هيكلتها المؤسسية، والتي هدفت إلى منحها مزيدًا من الحرية لجمع الأموال لتمويل تقدماتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
والآن، بدأت غوغل في الرد، وفي رأي بعض المراقبين، قد نجحت في اللحاق بأوبن إيه آي مع نموذج الذكاء الاصطناعي “جيميني 3” الذي حظي بإشادة واسعة، وأثار مخاوف أوبن إيه آي ورئيسها التنفيذي من إمكانية التراجع في سباق الذكاء الاصطناعي.
