كيف أعادت صفقات المليارات رسم صناعة ألعاب الفيديو في 2025؟

كان عام 2025 عامًا استثنائيًا لصناعة ألعاب الفيديو، حمل معه تحولات كبرى، من صفقات استحواذ تاريخية إلى تغير استراتيجيات شركات الألعاب وأجهزة الكونسول، في وقتٍ تزايد فيه الجدل حول مستقبل هذا القطاع سريع النمو.

أبرز محطات العام تمثلت في موجة جديدة من الاندماجات، بعدما أعلن تحالف تقوده صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إلى جانب شركة Affinity Partners التابعة لجاريد كوشنر، وشركة Silver Lake، خطته للاستحواذ على “Electronic Arts” وتحويلها إلى شركة خاصة.

وتبلغ قيمة الصفقة نحو 55 مليار دولار، تشمل 20 مليار دولار تمويلًا بالدين، لتصبح بذلك أكبر عملية استحواذ ممولة بالديون في تاريخ “وول ستريت”، بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن بي سي” واطلعت عليه “العربية Business”.

ويرى محللو “Omdia” أن الصفقة تفتح باب التساؤلات حول مستقبل “EA”، وما إذا كان الصندوق السعودي ينوي إدارتها كمشروع علاقات عامة، أم التركيز على تحقيق أقصى عائدات ممكنة.

“يوبيسوفت”.. محاولات إنقاذ وسط تراجع حاد

في المقابل، حاولت شركة Ubisoft الفرنسية قلب موازينها هذا العام، رغم بدايته المتعثرة بتأجيل جديد للعبة Assassin’s Creed: Shadows.

وأسهم إعلانها في مارس عن تأسيس شركة ألعاب جديدة باسم Vantage Studios بالشراكة مع العملاق الصيني “Tencent” في رفع أسهمها مؤقتًا.

وستركز الشركة الجديدة على أشهر عناوين “يوبيسوفت” مثل Assassin’s Creed وFar Cry وRainbow Six.

لكن رغم هذه الخطوات، فقدت أسهم “يوبيسوفت” أكثر من نصف قيمتها منذ بداية العام، وتراجعت بأكثر من 90% مقارنة بذروتها في 2021.

GTA 6.. انتظار طال أكثر من اللازم

على الجانب الآخر، شهدت أسهم “Take-Two Interactive” ارتفاعًا ملحوظًا خلال معظم عام 2025، مدفوعة بحماس اللاعبين للجزء الجديد من سلسلة Grand Theft Auto.

ويأتي ذلك بعد مرور 12 عامًا على إطلاق GTA 5.

لكن الصمت الطويل حول GTA 6 غذّى شائعات التأجيل، رغم تأكيد الرئيس التنفيذي للشركة، شتراوس زيلنيك، في مايو ثقته الكبيرة بموعد الإطلاق المحدد في 26 مايو 2026.

وفي نوفمبر، تأكدت المخاوف، بعدما أُعلن تأجيل اللعبة إلى 19 نوفمبر 2026، ما تسبب في هبوط حاد بأسهم Take-Two.

ومن المقرر أن تصدر اللعبة في المراحل الأخيرة من عمر بلاي ستيشن 5 وXbox Series X/S، بعد ست سنوات من إطلاق هذه الأجهزة، ما يعكس تحولات أعمق في استراتيجيات شركات الكونسول.

تغير قواعد اللعبة في عالم الكونسول

شهد 2025 تغيرًا واضحًا في سياسات شركات الألعاب الكبرى.

فقد تخلت “مايكروسوفت” تدريجيًا عن حصرية ألعاب إكس بوكس، مع وصول عناوين مثل Indiana Jones وForza Horizon إلى PS5، فيما واصلت “سوني” توسيع حضور ألعابها على الحاسب الشخصي.

ويرى زيلنيك أن هذه التحولات ستقود إلى صناعة أكثر انفتاحًا، مؤكدًا أن أجهزة الكونسول لن تختفي، بل ستقترب أكثر من نموذج الحواسيب الشخصية.

وقال في مقابلة مع “سي إن بي سي” إن مفهوم الألعاب الغنية التي تُلعب لساعات طويلة على شاشات كبيرة لن يزول.

الأرقام تؤكد.. الكونسول ما زال قويًا

وفق بيانات “Omdia”، لا تزال أجهزة الكونسول ثاني أكبر فئة من حيث إنفاق المستهلكين، بحصة تبلغ 23%، مقابل 60% للألعاب المحمولة و16% للحواسيب الشخصية.

ويؤكد محللو السوق أن الكونسول لا يزال الوجهة الأساسية للألعاب المميزة.

“نينتندو” تسبح عكس التيار

في وقت تخلت فيه معظم الشركات عن الحصريات، واصلت “نينتندو” التمسك بهذه الاستراتيجية، عبر إطلاق عدة ألعاب حصرية لجهازها الجديد سويتش 2، من بينها نسخة عالم مفتوح من Mario Kart ولعبة Donkey Kong جديدة كليًا.

وحقق سويتش 2 إنجازًا قياسيًا، بعدما أصبح أسرع جهاز ألعاب مبيعًا في التاريخ، مع بيع 10.36 مليون وحدة خلال أول أربعة أشهر فقط.

لكن هذا النهج لا يخلو من المخاطر. إذ يرى كريستوفر درينغ، مؤسس موقع “The Game Business”، أن “نينتندو” تواجه تحديًا حقيقيًا في الحفاظ على الزخم، مشيرًا إلى أن الإقبال على أجهزتها يعتمد بشكل شبه كامل على ألعابها الحصرية، بعكس بلايستيشن وإكس بوكس اللتين تستفيدان من دعم مطورين خارجيين.

عام 2025 لم يكن مجرد سنة عادية لصناعة ألعاب الفيديو، بل محطة مفصلية أعادت رسم خريطة القوة داخل القطاع.

بين صفقات تاريخية، وتأجيلات مؤلمة، وتغيّر في فلسفة الحصريات، يبدو أن الصناعة تقف اليوم على مفترق طرق، فهل تواصل اللعب حتى النهاية، أم تقترب من مرحلة Game Over بشكلها التقليدي؟