كشفت دراسة حديثة أن روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي الشائعة، مثل شات جي بي تي، قادرة على محاكاة سمات الشخصية البشرية بدقة.
وقال الباحثون إن هذه القدرة تنطوي على مخاطر جسيمة، لا سيما مع تزايد التساؤلات حول موثوقية الذكاء الاصطناعي ودقته.
وقد طوّر باحثون من جامعة كامبريدج ومختبر غوغل ديب مايند ما وصفوه بأول إطار عمل مُثبت علميًا لاختبار شخصية روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، باستخدام الأدوات النفسية نفسها المصممة لقياس الشخصية البشرية، بحسب تقرير لموقع “ديجيتال ترينز” المتخصص في أخبار التكنولوجيا، اطلعت عليه “العربية Business”.
وطبّق الفريق هذا الإطار على 18 نموذجًا شائعًا من النماذج اللغوية الكبيرة، من بينها الأنظمة التي تقف خلف أدوات مثل شات جي بي تي.
وخلص الباحثون إلى أن روبوتات الدردشة تُحاكي سمات الشخصية البشرية بشكل منتظم بدلًا من الاستجابة العشوائية، ما يعزز المخاوف بشأن مدى سهولة دفع الذكاء الاصطناعي إلى تجاوز الضوابط والقيود المصممة له.
وتُظهر الدراسة أن النماذج الأكبر حجمًا، والمُصممة وفقًا لتعليمات محددة، مثل نموذج “GPT-4″، تتميز بقدرة فائقة على محاكاة أنماط الشخصية الثابتة. وباستخدام أوامر مُهيكلة، تمكّن الباحثون من توجيه روبوتات الدردشة لتبني سلوكيات مُحددة، مثل إظهار ثقة أكبر أو تعاطف أعمق.
وقد امتد هذا التغيير السلوكي إلى المهام اليومية، مثل كتابة المنشورات أو الرد على المستخدمين، ما يعني أن شخصيات روبوتات الدردشة هذه يمكن تشكيلها عمدًا، وهو أمر يرى الخبراء أنه يمثل خطرًا، خصوصًا عند تفاعل روبوتات الدردشة مع المستخدمين العُرضة للتأثر.
لماذا تُثير شخصية الذكاء الاصطناعي مخاوف الخبراء؟
قال غريغوري سيرابيو غارسيا، من مركز القياسات النفسية بجامعة كامبريدج، وهو أحد مؤلفي الدراسة، إنّ قدرة النماذج اللغوية الكبيرة على تبني سمات بشرية أمرٌ مُلفتٌ للنظر.
وحذّر من أن تشكيل الشخصية قد يجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر إقناعًا وتأثيرًا عاطفيًا، لا سيما في المجالات الحساسة كالصحة النفسية والتعليم والنقاش السياسي.
وتثير الدراسة مخاوف بشأن التلاعب وما يُسميه الباحثون مخاطر مرتبطة بـ”ذهان الذكاء الاصطناعي” في حال تكوين المستخدمين علاقات عاطفية غير صحية مع روبوتات الدردشة، بما في ذلك سيناريوهات قد يُعزز فيها الذكاء الاصطناعي معتقدات خاطئة أو يُشوّه الواقع.
ولأن أي تقييم سيكون عديم الجدوى بدون قياس دقيق، فقد تم نشر مجموعة البيانات والكود الخاص بإطار اختبار الشخصية للعامة، مما يتيح للمطورين والجهات الرقابية مراجعة نماذج الذكاء الاصطناعي قبل إصدارها.
ومع ازدياد اندماج روبوتات المحادثة في حياة الأشخاص اليومية، قد تثبت قدرتها على محاكاة الشخصية البشرية قوتها، لكنها تتطلب في الوقت نفسه تدقيقًا أكثر دقة مما حظيت به حتى الآن.
